أمين عابد وفضيحة الإعلام الممول إماراتيا خدمة للأجندات الإسرائيلية

تتصاعد فضائح المنصات الإعلامية الممولة إماراتيا في ظل تبنيها نهج تشويه صورة المقاومة الفلسطينية، وتقديم الروايات الإسرائيلية على أنها الحقيقة المطلقة، بينما تتجاهل بشكل صارخ المأساة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة.
من أبرز هذه المنصات “جسور نيوز”، التي حوّلت ملفها الرئيسي من متابعة الانتهاكات الإسرائيلية والمأساة الإنسانية إلى حملة ممنهجة ضد المقاومة الفلسطينية، مستخدمة اتهامات باطلة بإساءة معاملة المدنيين الفلسطينيين، دون أي دليل يذكر.
في تقرير حديث للمنصة، تم التركيز على تصريحات عضو شبكة “أفيخاي” أمين عابد، الذي ادعى أن حركة حماس قتلت أكثر من 80 شخصًا بعد وقف الحرب على غزة، دون محاكمة أو تهمة، وهو ما أثار موجة من الجدل في الأوساط الفلسطينية والدولية.
لكن اللافت أن هذه الحملة تأتي بعد سنوات طويلة شهدت نشاط عابد الانتقادي للإمارات، حيث كان في السابق أحد أبرز الأصوات المنتقدة لسياسات أبوظبي تجاه القضية الفلسطينية.
من هو أمين عابد ؟
قبل سنوات، كان أمين عابد ينتقد الإمارات وقيادات “التيار الإصلاحي” في حركة فتح المقيمين في أبوظبي، واتهمهم بالسعي لتصفية القضية الفلسطينية والتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.
في عام 2020، وصف إقامة الإمارات علاقات رسمية مع دولة الاحتلال بأنها “خيانة”، وذهب حدّ وصف الرئيس الإماراتي محمد بن زايد بأنه “خائن للقدس”.
كما انتقد عابد في حينها محاولات تقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة بوصفها “جسرًا للتطبيع والخيانة”، ورفض إرسال أبوظبي مساعدات طبية دون التنسيق مع السلطة الفلسطينية.
غير أن تحولاً جذرياً حصل بعد خروجه من غزة في سبتمبر الماضي، حين غادر القطاع عبر معبر كرم أبو سالم بتنسيق مع سلطات الاحتلال، ثم انتقل إلى مطار رامون ومنه إلى الإمارات.
هناك، أصبح عابد جزءًا من شبكة إعلامية تمولها الإمارات، تعمل على تشويه صورة فصائل المقاومة الفلسطينية والتحريض عليها. من خلال هذا الدور الجديد، بدأ عابد في الترويج للروايات الإسرائيلية، وتقديم الاحتلال على أنه ضحية، فيما تُلقى مسؤولية الدمار في غزة على المقاومة الفلسطينية.
هذا التحول لم يكن مجرد تغيير في الخطاب، بل تحول كامل في الموقف والانتماء. الرجل الذي كان يتهم الإمارات بأنها تغذي الانقسام الفلسطيني وتستثمر في تشويه النضال الفلسطيني، أصبح اليوم أحد أبرز الأصوات التي تعمل ضمن أدواتها الإعلامية لتبرئة الاحتلال الإسرائيلي وتشويه المقاومة.
شبكة “أفيخاي” للتحريض
أمين عابد من سكان معسكر جباليا شمال قطاع غزة، يُعتبر أحد وجوه شبكة “أفيخاي” للتحريض، ويعتمد في نشاطه على نشر معلومات مضللة عبر منصات التواصل الاجتماعي.
تديره خلية سرية من الإمارات، وتستغل الوسائل الرقمية لتضليل الرأي العام الفلسطيني، وللترويج لسياسات الاحتلال على حساب المقاومة الوطنية.
وتظهر التقارير الصادرة عن “جسور نيوز” وغيرها من المنصات المماثلة أن الهدف لم يعد تقديم الأخبار أو تسليط الضوء على معاناة المدنيين في غزة، بل التركيز على ملفات مثل “الأسرى الإسرائيليين” و”ملاحقة العملاء والخونة”، وهو ما يبعد الاهتمام عن المأساة الإنسانية التي يعيشها الملايين في القطاع.
ويعكس هذا الانحياز الإعلامي الدور الذي تلعبه بعض المنصات الممولة إماراتياً في صناعة رأي عام مضلل، وتحويل الإعلام إلى أداة سياسية بحتة، تُستخدم لتبرئة الاحتلال وإدانة المقاومة.
وتشكل التحولات التي شهدها مسار أمين عابد مثالًا صارخًا على كيفية استغلال الأفراد والأصوات الإعلامية الممولة من الخارج لتوجيه الخطاب السياسي، وتحويل منتقد سابق إلى أداة تحريض ضد قضيته الأصلية.
وهو ما يثير تساؤلات حول طبيعة التمويل الخارجي وتأثيره على الخطاب الإعلامي الفلسطيني، ودرجة استقلالية الوسائل الإعلامية التي يُفترض أن تلتزم بالمعايير الإنسانية والمهنية.
في النهاية، يبرز ملف أمين عابد و”جسور نيوز” كنموذج واضح للتداخل بين السياسة والإعلام، وكيف يمكن للتمويل الخارجي والتحولات الشخصية أن يحوّل أصوات النقد إلى أدوات للتحريض، مع تجاهل الكارثة الإنسانية التي يعانيها المدنيون في غزة منذ سنوات طويلة.