تحليلات واراء

أطر شكلية وصمت سياسي.. كيف تحولت مؤسسات فتح والسلطة إلى عبء وطني؟

قال الأكاديمي والكاتب السياسي إبراهيم أبراش إنّ القيادة الفلسطينية ليست محصورة في شخص الرئيس أبو مازن، بل هي مؤسسات يُفترض أن تكون سيادية، وفي مقدمتها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة فتح، مشيرًا إلى أنّ هذه المؤسسات غائبة عن دورها الحقيقي، ولا تمارس مهامها الوطنية، ما حوّلها إلى أطر شكلية لتبرير المناصب والمخصصات وضمان الصمت السياسي.

وأضاف أبراش أنّ النظام السياسي الفلسطيني يعاني من حالة شبه موات، وتعدد ولاءات، وتداخل صلاحيات، وغياب تنسيق، الأمر الذي يطرح تساؤلًا جديًا حول وجود قيادة وقرار وطني مستقل.

وتابع أنّه جرى الكتابة كثيرًا عن أزمة النظام السياسي والطبقة السياسية، وعن الخلل في منظمة التحرير وحركة فتح والسلطة، والمطالبة باستنهاض هذه المؤسسات على أسس وطنية توافقية، لكن دون جدوى.

وأوضح أبراش أنّ الواقع الحالي يُظهر حالة شبه موات، وتعددًا في الولاءات، وتداخلًا في الصلاحيات، وغيابًا للتنسيق بين هذه المؤسسات، إلى درجة تجعل من حقّ الفلسطينيين التساؤل: هل لدينا فعلًا مؤسسة قيادة وقرار وطني مستقل؟

وأشار إلى تصريح جبريل الرجوب الذي قال فيه إنّ على فتحاويي قطاع غزة ترك الأمور المتعلقة بالرياضة، باعتباره المسؤول الوحيد وصاحب الخبرة في هذا المجال، مذكّرًا بأنه سبق أن وصف فتحاويي القطاع الذين يعارضون حركة حماس—واحتجوا على هتاف بعض أفراد الفريق الرياضي الفلسطيني لمحمد الضيف—بـ“الفشلة”.

وختم أنه إذا كانت قاعدة “التخصص والخبرة” هي الحاكمة، فمن المنطقي أن يترك الرجوب عضوية اللجنة المركزية لحركة فتح لأنها لجنة سياسية، ويتفرغ للرياضة، معتبرًا أنّ هذا التداخل بات سببًا في تسفيه حركة فتح ولجنتها المركزية، التي لا يُسمع لها نشاط أو أثر ذي قيمة، لا فيما يتعلق بما يجري في قطاع غزة ولا بما يجري في الضفة الفلسطينية.

ذباب وأذناب السلطة

ومن جانبه، قال الكاتب إسماعيل الريماوي إنه في الوقت الذي يواجه فيه الشعب الفلسطيني حربًا مفتوحة على وجوده، تُقصف فيه البيوت فوق رؤوس أصحابها ويُحاصر فيه مليون طفل بالجوع والمرض، وبينما يقف المقاومون حاملين البندقية في الميدان، يظهر على السطح صوتٌ آخر لا يقل خطورة عن رصاص الاحتلال، صوت ذباب وأذناب السلطة وبعض القيادات الذين جعلوا من مهاجمة المقاومة مهمةً يومية، كأنهم يتعمدون تقويض ما تبقى من روح وطنية.

وأضاف الريماوي أن هذا الصوت اعتاد البحث من هنا أو هنا عن أي “تفصيل تافه” من مباراة كرة قدم أو من مقال رأي حر أو من مقابلة تلفزيونية، ليصنع منه هجومًا على المقاومة، ما يعكس انهيارًا عميقًا في منظومة القيم، وانغماسًا كاملًا في ما يسميه الفيلسوف آلان دونو “نظام التفاهة”.

وتابع أن من المعتاد أن نرى من يصمت أمام جرائم الاحتلال، ويُبرّر التنسيق الأمني، ويغضّ الطرف عن قتل الأطفال في غزة والضفة، لكنه في المقابل يشنّ حربًا شرسة على المقاومة إذا أخطأ مقاتل في كلمة، أو إذا ظهر مقطع فيديو لمقاتل يعبّر عن غضبه، أو إذا لم تُعجبه طريقة لبس أحد عناصر المقاومة.

وأوضح الريماوي أن تفاهات تتحول إلى معارك، وصغائر تُقدَّم على أنها قضايا وطنية، بينما يتم تجاوز كل ما هو جوهري وحقيقي وعميق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى