معالجات اخبارية

إزالة الملصقات لا تمحو الفضيحة: منتجات داعمة لإسرائيل في اجتماع رسمي لحسين الشيخ

أثار اجتماع جمع سكرتاريا الشبيبة الفتحاوية بحسين الشيخ، نائب رئيس السلطة الفلسطينية، موجة غضب واسعة بعد تداول صور تُظهر زجاجات مياه أُزيلت عنها الملصقات داخل قاعة الاجتماع، تبيّن لاحقًا أنها من إنتاج شركة “أروى” التابعة لكوكاكولا، وهي شركة مستهدفة بحملات مقاطعة بسبب دعمها لإسرائيل.

وقد تم إزالة الملصقات بعد انكشاف الأمر، ما يعني أن المنتج لم يكن مرفوضًا قبل تقديمه، بل أصبح عبئًا بصريًا فقط بعد تصويره ونشره ما يعكس تعاملًا شكليًا مع المقاطعة، يقوم على تجنّب الإحراج الإعلامي بدل الالتزام الفعلي.

وبالنسبة لكثيرين، المشكلة لم تكن في الزجاجات، بل في القرار الذي سمح بوصولها إلى الطاولة أصلًا.

وسرعان ما تحول الحدث إلى مادة نقاش واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر ناشطون أن ما جرى يعبّر عن تناقض واضح بين خطاب السلطة وحركة فتح الداعي إلى مقاطعة الاحتلال اقتصاديًا، وبين ممارسات يومية لا تلتزم بذلك.

ورأى آخرون أن إزالة الملصقات محاولة للتغطية على سلوك لا يمكن تبريره سياسيًا، خصوصًا في ظل حرب مفتوحة وجرائم موثقة بحق الفلسطينيين.

حسين الشيخ ويكيبيديا

الاجتماع نفسه، وفق مشاركين ومتابعين، لم يخرج عن إطار اللقاءات التقليدية التي تُقدَّم فيها عناوين عامة حول “تمكين الشباب” و”تعزيز دورهم”، دون قرارات ملموسة أو مواقف سياسية جديدة.

في المقابل، تتواصل سياسات قائمة على التضييق الأمني، وقطع رواتب عائلات الشهداء والأسرى، وتعميق الارتباط الاقتصادي مع إسرائيل، ما يضع هذه اللقاءات في سياق دعائي أكثر منه سياسي.

وأعادت واقعة زجاجات المياه إلى الواجهة سؤال المصداقية: كيف يمكن لقيادة تطالب الشارع بالالتزام بالمقاطعة، بينما لا تلتزم بها في اجتماعاتها الرسمية؟ وكيف يمكن إقناع الشباب بجدوى هذه الأداة، إذا كانت تُعامَل في مكاتب السلطة باعتبارها تفصيلًا يمكن التحايل عليه؟.

وبحسب مراقبين يتحمل حسين الشيخ، بصفته أحد أبرز المسؤولين في السلطة المسؤولية السياسية المباشرة عن ما جرى باعتبار أن أي تفصيل داخل لقاء رسمي يعكس نمط التفكير السائد، خاصة حين يتعلق الأمر بقضية تحظى بإجماع شعبي واسع مثل مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل.

واللافت أن رد الفعل لم يتضمن حتى الآن توضيحًا رسميًا مقنعًا أو اعتذارًا صريحًا، ما زاد من حدّة الانتقادات، في وقت يعزز غياب المحاسبة أو التوضيح الانطباع بأن قيادة السلطة لا ترى في الأمر مشكلة حقيقية، بل أزمة صورة عابرة يمكن تجاوزها مع الوقت.

وبالنسبة لكثير من كوادر الشبيبة والشارع الفتحاوي، جاءت الفضيحة لتضيف سببًا جديدًا للتشكيك في جدية الخطاب الرسمي.

فالشباب الذين يُطلب منهم الانضباط والتنظيم والدفاع عن خيارات القيادة، يرون أمامهم نموذجًا يناقض ما يُطلب منهم الالتزام به وهو ما يضعف الثقة ويعمّق الفجوة بين القاعدة والقيادة.

وما جرى في رام الله لا يمكن فصله عن سياق أوسع من السياسات التي تُدار بمنطق مزدوج: خطاب علني يتحدث عن مواجهة الاحتلال، وممارسة عملية تحافظ على علاقات اقتصادية وسياسية قائمة معه. في هذا السياق، تصبح المقاطعة مجرد شعار، وتتحول إلى عبء يجب إخفاؤه عند الحاجة، لا مبدأ يُلتزم به.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى