فضيحة أملاك منظمة التحرير: السلطة تفرّط بالعقارات بقضايا فساد فاضحة

كشف الكاتب السياسي محمود كلم عن واحدة من أخطر القضايا المهملة في المشهد الفلسطيني المتعلقة بأكثر من 2000 عقار تابع لمنظمة التحرير موثّقة بالأرقام والعناوين والخرائط، مقابل أضعاف هذا العدد مفقود أو مطموس عمدًا بقضايا فساد فاضحة.
ويضع الرقم المذكور السلطة الفلسطينية في مواجهة مباشرة مع اتهام واضح يستند إلى التفريط المنهجي بممتلكات وطنية سيادية دون مساءلة أو شفافية.
إذ أن هذه العقارات لم تكن أصولًا استثمارية عادية، بل كانت مقار سياسية، ومكاتب تمثيل، وبيوتًا للقضية الفلسطينية في المنفى، وقد بُنيت لتقول إن للفلسطينيين عنوانًا وهوية ووجودًا سياسيًا خارج أرضهم المحتلة.
وضياع هذه العقارات بفعل قضايا فساد فاضحة يعني شطب جزء من الذاكرة السياسية الفلسطينية، لا خسارة بنود في ميزانية.
ويسلط حديث كلم الضوء على واقع أخطر بشأن افتقاد قاعدة بيانات علنية، أو جرد رسمي منشور، أو حتى تقارير تدقيق مستقلة توضح مصير هذه الممتلكات في وقت السلطة لم تقدّم إجابة واحدة، ما يجعل الصمت ذاته قرينة إدانة.
السلطة الفلسطينية ويكيبيديا
يشير كلم إلى مكتب منظمة التحرير بوصفه أول بيت بُني لفلسطين خارج أرضها، وهو رمز سياسي سابق على قيام السلطة نفسها ما يعني أنه شكل إعلان وجود سياسي في المنفى.
واختفاء هذه المكاتب بين الحسابات والملفات يعكس كيف تحوّلت ممتلكات وطنية إلى أملاك بلا أصحاب، تُدار بمنطق الغنيمة لا بمنطق السيادة.
والمشكلة لا تتعلق بالإهمال فقط، بل ببنية الحكم، كون أن السلطة ورثت منظمة التحرير شكليًا، لكنها فرّغتها عمليًا من مضمونها، فلم تُنشئ منظومة رقابة، ولم تضع آليات محاسبة، ولم تتعامل مع أملاك المنظمة كأمانة وطنية.
وفي أي نظام سياسي طبيعي، اختفاء آلاف العقارات السيادية يفرض لجان تحقيق مستقلة، وإحالات قضائية، ونشرًا فوريًا للوثائق، لكن في الحالة الفلسطينية لا تحقيق، لا محاسبة، لا حتى اعتراف بوجود المشكلة وهو سلوك لا يمكن تفسيره إلا باعتباره تواطؤًا مؤسسيًا.
الأخطر أن هذه الفضيحة تأتي في سياق أوسع من انهيار الثقة الشعبية بالسلطة. فحين تعجز عن حماية أملاك موثقة، فكيف يُطلب من الفلسطينيين الوثوق بها في إدارة المال العام، أو الدفاع عن الأرض، أو تمثيلهم سياسيًا؟ السلطة التي تفقد السيطرة على عقاراتها تفقد بالضرورة شرعيتها الأخلاقية.
كما أن تحويل الممتلكات الوطنية إلى أرقام غامضة في ميزانيات غير منشورة يعكس عقلية إدارة مغلقة، لا ترى في الشعب صاحب الحق، بل متفرجًا وهو ما يعمّق الفجوة بين السلطة والناس، ويحوّل منظمة التحرير من إطار تحرري جامع إلى ملف مهمل داخل أدراج بيروقراطية.





