خفايا قتل الأمن الأردني شابا هاجم السفارة الإسرائيلية في عمان
في حادثة أثارت ردود فعل شعبية غاضبة، تورط الأمن الأردني في قتل شابا أردنيا هاجم السفارة الإسرائيلية في عمان في أحدث انحدار تسجله المملكة في قمع كل أشكال التضامن مع غزة وتشكيل جدارا لحماية دولة الاحتلال ومؤسساتها.
وتبرز في خفايا الحادثة التي تعد مؤشرا قويا على حدة الاحتقان الأردني الداخلي على ما يجرى في غزة وفلسطين، أن الشاب المهاجم اقترب من مقر السفارة الإسرائيلية المحصنة بشدة في عمان وباغت احدى السيارات الإسرائيلية التي كانت داخل بوابة السفارة وأطلق 3 رصاصات استهدفت الراكب في المقعد الخلفي من السيارة.
وبعد تنفيذ هجومه، تمكن الشاب من الانسحاب، فلاحقته سيارة الحماية والتأمين التابعة للدرك الأردني وأطلقت النار عليه وقتلته بدم بارد وبإصرار من دون العمل الجدي على محاولة اعتقاله.
وتبرز في الحادثة نقطتين رئيسين، الأولى أن الشاب المهاجم استهدف سيارة إسرائيلية داخل مقر السفارة الإسرائيلية ولم يستهدف بالمطلق قوات الأمن الأردنية التي عمدت بدورها إلى تصفيته.
تتبع الحادثة
زعمت وسائل إعلام رسمية أردنية عقب الحادثة مباشرة أن قوات الأمن الأردنية قتلت شابا أطلق النار على دورية للشرطة في محيط السفارة الإسرائيلية، ما أدى إلى إصابة ثلاثة ضباط بالقرب من السفارة الإسرائيلية في الساعات الأولى من صباح الأحد.
ولم تعلن الشرطة الأردنية عن اسم المهاجم وأخفت أغلب تفاصيلها بما في ذلك أنه هاجم سيارة داخل السفارة الإسرائيلية، وفضلا عن ذلك لجأت فورا إلى محاولة تشويه صورته ووصفه بأنه شخص مطلوب وله سجل إجرامي في مجال الاتجار بالمخدرات.
ولم يذكر بيان لمديرية الأمن العام الأردني السفارة الإسرائيلية، لكنه أكد أن الحادثة وقعت في حي الرابية الراقي حيث تقع السفارة الإسرائيلية.
وتعد منطقة السفارة الإسرائيلية في عمان موقعًا منتظمًا للاحتجاجات الشعبية في الأردن ضد حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة للعام الثاني على التوالي.
وزعم بيان حكومي أردني أن “مرتكب الهجوم (الإرهابي) بادر بشكل مباشر بإطلاق الذخيرة الحية على طاقم دورية أمنية كانت متواجدة في المنطقة، بهدف قتل أفرادها باستخدام سلاح أوتوماتيكي كان مخبأ بحوزته، بالإضافة إلى عدد من الزجاجات والمواد الحارقة”.
وقال شهود عيان إن قوات الأمن الأردنية فرضت طوقا أمنيا حول السفارة الإسرائيلية بعد سماع طلقات نارية في ساعات الصباح الأولى، وطلبت السلطات من السكان البقاء في منازلهم أثناء البحث عن مطلق النار.
وتم مطاردة المسلح لمدة ساعة على الأقل قبل محاصرته وقتله قبل الفجر. فيما أظهرت لقطات تم تداولها عبر الإنترنت صوت إطلاق نار متقطع أثناء المطاردة.
وفي الساعة 4.30 صباحا (1.30 بتوقيت جرينتش)، أعلنت السلطات أن قواتها تنسحب من المنطقة وأن الوضع تحت السيطرة.
في المقابل كشف شهود عيان أن تبادلا لإطلاق النار جرى في محيط سفارة الاحتلال الإسرائيلي، حيث وصلت تعزيزات من عناصر الشرطة الأردنية.
ويأتي الحادث في سياق حالة من الغضب تسود الشارع الأردني باتجاه الاحتلال، وسفارته في العاصمة عمان، والتي أصبحت قبلة للمسيرات والمظاهرات الشعبية المؤيدة للمقاومة الفلسطينية، والمنددة بحرب الإبادة الإسرائيلية في غزة.
التشويه في خدمة رواية الأمن الأردني
شهد الأردن بانتظام في الأشهر الأخيرة بعض أكبر الاحتجاجات ضد الحرب في غزة، وهو ما يسلط الضوء على المستوى المرتفع من الإحباط في المملكة، حيث لا تزال العلاقات مع (إسرائيل) تجابه بمعارضة شعبية واسعة النطاق.
وعقب الوزير الأردني السابق وأستاذ العلوم السياسية أمين المشاقبة أن الرأي العام الأردني يحتاج إلى تفسير أكثر وضوحا للحادثة.
وقال مشاقبة إن ” القول بأن شخصا له تاريخ في تعاطي المخدرات هو من يقف وراء الحادث (الهجوم على السفارة الإسرائيلية) لا يكفي لتفسير ما حدث، فالأمر يتجاوز ذلك بكثير”.
فيما سارع وزير الاتصالات الأردني محمد المومني لوصف عملية إطلاق النار بأنها “هجوم إرهابي” استهدف قوات الأمن العام في البلاد، رغم أنه عاود التأكيد أن التحقيقات جارية في الحادث.
لاحقا عممت المخابرات الأردنية خبرا على وسائل الإعلام أن الجيش الأردني أفشل “محاولة تسلل من سوريا” وقتل متسلل واعتقل 6 آخرين دون ذكر طبيعة هؤلاء “المتسللين” أو ماذا كانوا “يهربون”.
وبحسب مراقبين فإن الخبر جاء للتغطية على حدث مهاجمة السفارة الإسرائيلية فكل مرة يحدث فيه توجه وطني بين الشباب الأردني، يبدأ النظام ومخابرات بالعزف على ألحان الخطر الخارجي والأمن والأمان ومحاربة “الإرهاب وتهريب المخدرات.
ويؤكد المراقبون أن المسارعة إلى حملة تشويه صورة الشاب الأردني منفذ عملية إطلاق النار واستدعاء اسطوانة الخطر الخارجي، تستهدف بشكل رئيسي التحريض المسبق على أي مبادرات فردية لمساندة غزة من قلب الأردن وعدم منح أي حوافز إضافية للمواطنين للقيام بعمليات مماثلة.
إذ هذه ليست الحادثة الأمنية الأولى التي تقع في الأردن منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة.
وكان عدد من الشباب الثائر نفذ عمليات متفرقة في منطقة الحدود بين الأردن والأراضي المحتلة، واستهدفت قوات الاحتلال، فيما تخشى الأجهزة الأمنية الأردنية من استمرار هذه العمليات ضد الاحتلال.
ففي الثامن من سبتمبر/أيلول، أطلق جندي متقاعد النار على جسر الملك حسين (معبر الكرامة) وقتل ثلاثة جنود إسرائيليين قبل أن يُقتل بالرصاص.
وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر، تسلل شابان عبر الحدود بين الأردن والضفة الغربية جنوب البحر الميت، وأطلقا النار على جنود إسرائيليين، فأصابا ثلاثة منهم، قبل أن يقتلا بنيران الجيش.
وقد اعتقلت السلطات الأردنية عددا من أقارب رجلين نفذا هجوم إطلاق نار عبر الحدود بالقرب من البحر الميت في وقت سابق من هذا الشهر أدى إلى إصابة جنديين إسرائيليين.