استطلاع: تراجع شعبية نتنياهو وغالبية تعارض مواقفه من حرب غزة
الانقسامات الداخلية الإسرائيلية تتعمق
أظهر أحدث استطلاع للرأي الإسرائيلي تراجع شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت تعارض الغالبية مواقفه بشأن متطلبات إنهاء حرب الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة للعام الثاني.
وبحسب نتائج استطلاع القناة 12 العبرية فإن هناك تأييدا شعبيا كبيرا لاتفاق يتم بموجبه إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في مقابل إنهاء الحرب في غزة، وهو المطلب الذي يتعنت نتنياهو برفضه.
وأظهر الاستطلاع أن 71% من الإسرائيليين يؤيدون شروط صفقة التبادل بوقف الحرب كما تطالب المقاومة الفلسطينية، مقابل 15% يعارضونها و14% لا يحددون موقفا.
ومن بين مؤيدي ما تسميه القناة 12 كتلة أحزاب نتنياهو، يؤيد 56% صفقة توقف الحرب مقابل الأسرى، بينما يعارضها 24% و20% لا يعرفون.
وطالبت حماس والمقاومة باستمرار بانسحاب كامل لقوات الاحتلال الإسرائيلي من غزة وإنهاء الحرب، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين في مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.
وصرح نتنياهو الليلة الماضية أنه سيوافق على وقف إطلاق النار لضمان إطلاق سراح الرهائن، لكنه لن ينهي الحرب بشكل دائم.
تراجع شعبية نتنياهو
احتل نتنياهو صدارة كافة مؤشرات استطلاع الرأي في الأشهر الأخيرة عند مقارنته بأي منافس سياسي، لكن الوضع بدأ يتحول مع تراجع شعبيته.
وأظهر الاستطلاع أن التأييد العام يستمر في التحول بعيدا عن نتنياهو نحو رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، فضلا عن إظهار أن أغلبية طفيفة من الجمهور لا تدعم إعادة بناء المستوطنات في قطاع غزة.
وعند مقارنة نتنياهو ببينيت، قال 33% من المشاركين في استطلاعات الرأي لقناة 12 الإخبارية إن الأول أكثر ملاءمة لشغل منصب رئيس الوزراء، مقارنة بـ 39% قالوا إن الثاني هو الأنسب.
وفي المنافسة بين نتنياهو وزعيم المعارضة اللبنانية يائير لابيد، يعتقد 36% أن الأول أكثر ملاءمة لتولي منصب رئيس الوزراء، مقارنة بـ 28% يرون أن زعيم حزب هناك مستقبل هو الأنسب.
وسألت القناة العبرية المشاركين عما إذا كانوا يفضلون نتنياهو ضد عضو الكنيست من حزب الوحدة الوطنية غادي أيزنكوت – فقال 35% من المشاركين إن نتنياهو أكثر ملاءمة لشغل منصب رئيس الوزراء، مقارنة بـ 33% قالوا إن أيزنكوت هو الأنسب.
وأظهر الاستطلاع أيضا أن 51% من المشاركين يعارضون إعادة بناء المستوطنات في غزة، بينما يؤيدها 33%، وقال 16% إنهم لا يعرفون.
لكن الذين صوتوا لنتنياهو أظهروا ميلا أقوى نحو تفضيل عودة المستوطنات اليهودية إلى القطاع، حيث قال 57% إنهم موافقون و24% يعارضون، بينما أجاب 16% أنهم لا يعرفون.
الضغوط تتزايد على نتنياهو
في سياق قريب أبرز موقع Middle East Eye البريطاني أن نتنياهو يواجه ضغوطاً متزايدة من الرأي العام الإسرائيلي المحبط على نحو متزايد، وذلك على خلفية وقف إطلاق النار في لبنان واستمرار حرب الإبادة على غزة خدمة لمصالحه الشخصية وحماية ائتلافه الحكومي.
وتناول الموقع تفاقم عدة أزمات إسرائيلية داخلية وتعمق الانقسامات السياسية والاجتماعية في دولة الاحتلال.
من ذلك فضيحة تسريب مواد سرية من مكتب نتنياهو، المعروفة في “إسرائيل” باسم “تسريب بيبيليكس”، وهو ما قوبل بانتقادات واسعة النطاق وتحقيقات من قبل المؤسسة الأمنية في دولة الاحتلال.
بالتزامن مع ذلك تستمر أزمة تمرير القوانين التي تشرع إعفاء المتدينين من الخدمة العسكرية، والسخط من الشعور السائد داخل المجتمع الإسرائيلي بأن “إسرائيل” تخلت عن إنقاذ أسراها في غزة.
ورغم أن القادة الإسرائيليين يسعون إلى إعادة التركيز إلى غزة، فقد أثبتت الأشهر الأربعة عشر الماضية أن دولة الاحتلال تفتقر إلى القدرات العسكرية والاستخباراتية اللازمة لاستعادة الأسرى دون التوصل إلى اتفاق مع حركة “حماس” بحسب الموقع البريطاني الذي نبه إلى أن نتنياهو فشل بتحقيق هدفه غير المعلن المتمثل في احتلال غزة على حساب التوصل إلى “صفقة الأسرى”.
وفي ضوء هذه الأحداث، اندلعت للمرة الأولى منذ بداية الإبادة الجماعية في غزة، احتجاجات في تل أبيب لم تطالب فقط بإعادة الأسرى الإسرائيليين – في السابق، كان الشعار الشعبي هو “أعيدوهم وارجعوا [إلى غزة]”، بل طالبت أيضا بإنهاء الحرب .
القلق من الجنائية الدولية
أشار الموقع إلى تنامي القلق داخل دولة الاحتلال من تداعيات إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير الجيش السابق يؤاف جالانت والآثار الأوسع نطاقا لذلك على جبهتين:
أولا: بدأ الجنرالات الإسرائيليون يدركون المخاطر الشخصية التي تشكلها أوامر الاعتقال الدولية، والتي قد تؤثر على مكانتهم مع الدول الغربية، والتعاون العسكري، وتجارة الأسلحة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
وعلى النقيض من كبار القادة الإسرائيليين، قد لا يتمتع هؤلاء الجنرالات بنفس مستوى الحماية أو الحصانة التي توفرها الدولة.
ثانياً: بدأ الجمهور الإسرائيلي الأوسع يدرك التداعيات المحتملة للمكانة الدولية للدولة، الأمر الذي قد يؤدي إلى فرض عقوبات ومقاطعة على الأفراد والشركات الإسرائيلية.
ولكن ربما يظل التحدي الأطول الذي تواجهه “إسرائيل” هو غزة. إذ تتمتع دولة الاحتلال بخبرة واسعة في الاحتلال المباشر في غزة، والضفة الغربية، وجنوب لبنان.
تعمق الانقسامات الداخلية
في خضم هذه الأزمات المتصاعدة، اختار نتنياهو شن حرب على جميع الجبهات، بما في ذلك ضد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية نفسها.
وتسعى محاولات نتنياهو للتهرب من المساءلة ودفع تشريعات الفصل العنصري لحرمان أعضاء الكنيست العرب من حقهم في التصويت، إلى جانب جهوده لتقويض القضاء وتفاقم التوترات الداخلية حول الهوية الوطنية لإسرائيل، إلى إضعاف المعارضة السياسية.
وفي نهاية المطاف، سوف يتعين على المجتمع الإسرائيلي أن يتحمل تكلفة الطاعة غير النقدية لنتنياهو وحكومته وتجاهلها القانون الدولي والحياة البشرية. ولكنها لم تفعل سوى تعميق الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي.
ومع تفاقم هذه التحديات، فإن تصرفات نتنياهو تبث رسالة مقلقة للمجتمع الإسرائيلي: إن وضعهم مأساوي، والفقاعة الإعلامية التي يعيشون فيها بدأت تنفجر.