
كشفت مصادر أمنية فلسطينية أن الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية فتحت تحقيقًا داخليًا في عملية “غوش عتصيون” التي نفذها يوم الخميس الماضي اثنان من عناصر أجهزة الأمن التابعة للسلطة.
فشل وتحقيقات زائفة
وأكدت المصادر أن رئيس السلطة محمود عباس وجّه بفتح التحقيق لمعرفة الأسباب التي أدت إلى عدم تمكن الأجهزة الأمنية من التنبؤ بنوايا الشهيدين، بالإضافة إلى دراسة سلوكهما خلال الفترة الماضية، بهدف منع أي هجمات مستقبلية قد ينفذها عناصر من الأجهزة نفسها ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وفي سياق متصل، رفضت أجهزة السلطة إصدار بيان نعي للشهيدين، واختفى ناطقوها عن وسائل الإعلام، رغم المطالبات الشعبية الواسعة بنشر بيان يكرّم أبطال العملية في غوش عتصيون، ما أثار استياء واسعًا في الشارع الفلسطيني.
عملية “غوش عتصيون” تمرد من داخل أجهزة السلطة
وتؤكد عملية “غوش عتصيون” أن روح المقاومة لا تزال حاضرة بقوة في الضفة الغربية، خاصة أن منفذي العملية كانا عنصرين من جهاز الشرطة الفلسطينية، وهما محمود يوسف محمد عابد (23 عامًا) من مدينة حلحول، ومالك إبراهيم عبد الجبار سالم (23 عامًا) من محافظة طولكرم.
ونفّذ الشهيدان العملية عبر استدراج حارس أمن إسرائيلي في مجمع “رامي ليفي”، وتمكّنا من الاستيلاء على سلاحه والاشتباك معه، ما أدى إلى مقتله.
وأفادت التقارير أن الحارس القتيل كان مجندًا في قوات الاحتياط بالجيش الإسرائيلي.
وتُعد العملية تمردًا مباشرًا على عقيدة التنسيق الأمني، ورفضًا لسياسة السلطة في ملاحقة المقاومين، وتسخير أجهزتها الأمنية لحماية الاحتلال بدلًا من حماية أبناء الشعب الفلسطيني.
الإعلام الإسرائيلي يحمّل عباس المسؤولية
ومن جهة أخرى، تفاعلت وسائل إعلام إسرائيلية مع العملية بموجة انتقادات شديدة، إذ حمّلت رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المسؤولية الكاملة، مشيرة إلى أن المنفذين خرجوا من داخل مؤسسات أمنية تتبع للسلطة، وفي مناطق يُفترض أنها تخضع لسيطرتها المباشرة.
وبحسب ما ورد في تقارير عبرية، فإن العملية كشفت عجز السلطة عن السيطرة على الأوضاع في الضفة الغربية، وعجزها حتى عن ضبط عناصرها الأمنية، ما يُظهر فشلًا وظيفيًا وأمنيًا عميقًا يهدد ما يُسمى بـ”الاستقرار”.
وتذهب بعض التحليلات الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك، إذ دعت صراحة إلى تفكيك السلطة الفلسطينية وفرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية، بحجة أن السلطة لم تعد قادرة على أداء دورها، وأن استمرارها بات يشكل خطرًا أمنيًا متزايدًا على الاحتلال.
وترى الصحافة الإسرائيلية أن ما جرى في غوش عتصيون لم يكن مجرد خرق أمني، بل مؤشر خطير على فقدان محمود عباس للسيطرة، حتى داخل أجهزته الأمنية، ما يستدعي – بحسبهم – إعادة النظر في طبيعة العلاقة القائمة مع السلطة، وجدوى بقائها أصلًا.