تحليلات واراء

خطة السيطرة على كامل غزة: ضعف عربي يترك أهلها رهن حرب الإبادة

تستمر دولة الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ خططها العسكرية والسياسية بهدف السيطرة على كامل قطاع غزة وإعادة احتلاله، بحيث تطبق سياسة إبادة منهجية تتناغم مع سياستها التوسعية في الأراضي الفلسطينية.

في هذه الأثناء، يتزايد ضعف الموقف العربي وتصاعد التنديدات الغربية، ما يترك أهل غزة رهن حرب دموية مستمرة، وسط صمت دولي وتجاهل لما يحدث على الأرض.

خطة احتلال غزة

منذ أن بدأت دولة الاحتلال عدوانها الشامل على قطاع غزة في أكتوبر عام 2023، تركزت خططها العسكرية على محو أي قدرة على المقاومة في القطاع.

ومع مرور الوقت، ظهرت خطة إسرائيلية أكثر تطورًا، تهدف إلى السيطرة الكاملة على غزة، والتي تتجاوز مجرد الاعتقالات والدمار بل تسعى لتدمير البنية التحتية بأكملها وفرض هيمنة كاملة على القطاع.

وقد كشفت التحركات الإسرائيلية العسكرية الأخيرة عن نية واضحة لتوسيع نطاق سيطرتها على الأراضي الفلسطينية المحاصرة.

ولم تقتصر الهجمات على استهداف المدنيين والبنية التحتية، بل امتدت أيضًا إلى إعادة هيكلة المناطق السكانية الفلسطينية على الأرض، بهدف تحويل غزة إلى منطقة غير قابلة للسكن أو الفاعلية ضمن حرب الإبادة الجماعية والشاملة.

الضعف العربي: تزايد الانقسامات والتقاعس

في هذا السياق، تكشف مواقف الأنظمة العربية عن عجز مستمر في مواجهة هذه الهجمات الإسرائيلية. معظم الدول العربية اكتفت بإصدار بيانات شجب ورفض للعدوان الإسرائيلي، دون اتخاذ خطوات حقيقية للضغط على دولة الاحتلال لوقف هجوماتها على غزة.

وغياب التحرك العسكري أو الدبلوماسي الفاعل من قبل الدول العربية يعكس عمق الانقسام العربي الداخلي، حيث تتحكم المصالح السياسية المحلية والإقليمية في تحركات هذه الدول تجاه القضية الفلسطينية.

بعض الأنظمة العربية فضلت التقارب مع دولة الاحتلال في السنوات الأخيرة، في ظل صفقة القرن التي طرحتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الأولى.

هذه المواقف سمحت لإسرائيل بالتصعيد العسكري ضد غزة في الوقت الذي كانت فيه بعض الدول العربية تروج للتطبيع معها.

أما بالنسبة للدول التي ظلت ملتزمة بدعم فلسطين، فإن ضعف تأثيرها على الساحة الدولية، خصوصًا في مجلس الأمن الدولي، جعلها غير قادرة على تحريك المياه الراكدة.

التنديد الغربي: تصريحات بلا تأثير

من جهة أخرى، يُظهر الموقف الغربي تجاه ما يحدث في غزة تناقضًا كبيرًا بين التنديد الشكلي والإجراءات العملية.

بينما تندد بعض الحكومات الغربية، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي، بالهجمات الإسرائيلية على غزة وتستمر في تقديم البيانات الدبلوماسية المطالبة بوقف العنف، تظل هذه التصريحات دون تأثير فعلي على الأرض.

فالغرب، وعلى الرغم من انتقاداته الظاهرة لإسرائيل، يظل يقدم لها الدعم السياسي والعسكري، بما في ذلك بيع الأسلحة والمعدات الحربية.

وقد تبين أن الدعم الغربي لإسرائيل أصبح يشكل غطاءً لجرائمها، حيث تستمر الولايات المتحدة وأوروبا في تزويدها بمختلف أنواع الأسلحة، مما يجعل القضية الفلسطينية تواجه معركة في أكثر من جبهة. بينما تكتفي بعض الدول الغربية بحملات دبلوماسية غير فعالة، تزداد الخسائر البشرية والمادية في غزة.

أهل غزة: رهائن حرب الإبادة

في ظل هذه الأوضاع السياسية المعقدة، تجد أهل غزة أنفسهم عالقين في دائرة مغلقة من العدوان المستمر.

فالحرب على القطاع لم تقتصر فقط على الهجمات الجوية والبرية، بل تشمل أيضًا الحصار الاقتصادي الذي فاقم من معاناة سكان غزة ودفعهم بهم إلى المجاعة.

وتؤكد التقارير الحقوقية أن غزة أصبحت تُجسد واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، حيث فقد الآلاف حياتهم نتيجة القصف المستمر، كما يعاني مئات الآلاف من الأضرار النفسية والاقتصادية.

والأزمة الإنسانية تتفاقم مع إغلاق المعابر والموانئ، ما يحرم سكان غزة من المواد الغذائية الأساسية والمستلزمات الطبية الضرورية.

كما أن تدمير المرافق الصحية والتعليمية يترك الآلاف بدون رعاية صحية أو فرص تعليمية.

والعزلة المفروضة على غزة تجعلها ساحة للموت اليومي تحت قصف الاحتلال الإسرائيلي، حيث يتحول كل يوم إلى معركة من أجل البقاء.

مستقبل القضية الفلسطينية في ضوء هذا التصعيد

في مواجهة هذا الواقع القاسي، يبقى السؤال الأهم: ما هو مستقبل القضية الفلسطينية إذا استمرت هذه السياسات الإسرائيلية في السيطرة على غزة؟ إن تزايد عزلة السلطة الفلسطينية عن شعبها في غزة، إضافة إلى الانقسام الداخلي الفلسطيني، يعزز من حالة الفوضى والضعف التي تعيشها الساحة الفلسطينية.

ومما يزيد من تعقيد الوضع هو عدم وجود رؤية استراتيجية موحدة للمستقبل الفلسطيني في ظل هيمنة الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية.

حتى في حال استمرار الضغوط الدولية ضد دولة الاحتلال، فإن المواقف السياسية العربية والغربية ضعيفة وغير فعالة، وهو ما يسمح لإسرائيل بتوسيع سيطرتها على غزة دون أي حسابات حقيقية.

وعليه فإن ما يحدث في غزة اليوم هو دليل قاطع على فشل المجتمع الدولي في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، وعلى ضعف قدرة الأنظمة العربية على الضغط من أجل وقف العدوان.

وفي الوقت الذي يستمر فيه أهل غزة في معاناتهم، يحتاج العالم إلى التحرك بشكل جاد وفعال لوضع حد لهذه الحرب الوحشية. أما فلسطين، فهي بحاجة إلى قيادة موحدة وموقف عربي حازم، وكذلك إلى دعم دولي حقيقي يتجاوز التصريحات إلى العمل الجاد لوقف الإبادة وإعادة حقوق الشعب الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى