مذبحة إسرائيلية بحق نازحين في غزة تخلف عشرات الجثث المغطاة بالدماء
لم يكن هناك مجال لعدم إثارة مذبحة، وهي من طبيعة وحجم الأحداث التي لا تزال عالقة في الأذهان ضمن جرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة في قطاع غزة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.
فبقرارها قصف مجمع مدرسي في حي الدرج في مدينة غزة، والذي تحول إلى ملجأ، وبالتالي امتلأ بالنازحين، وباختيارها تنفيذ عملية القصف أثناء صلاة الفجر التي تجمع المؤمنين في المكان المخصص لهذا الغرض، تسببت قوات الاحتلال الإسرائيلي في قتل أكثر من 93 شخصاً وإصابة مئات آخرين يوم السبت 10 أغسطس/آب.
وبحسب الدفاع المدني في غزة، فإن ثلاثة “صواريخ” (أو قنابل) أصابت المبنى ومحيطه، وكانت المدرسة تؤوي نحو 250 نازحاً، أغلبهم من النساء والأطفال.
وأفاد المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل، أن عدة غارات استهدفت طابقين من مدرسة التبيان للقرآن الكريم والمسجد المجاور لها بثلاثة صواريخ.
وقال: “حتى الآن، هناك أكثر من 93 شهيداً، بينهم 11 طفلاً و6 نساء”. وأضاف أن العشرات أصيبوا، بعضهم في العناية المركزة، و”هناك العديد من الأشلاء مجهولة الهوية”.
وحتى على نطاق الدمار الذي لحق بغزة حيث تم إحصاء حوالي 40 ألف حالة شهيد منذ بدء الحرب، فإن الصور التي تم تصويرها بعد الضربات على المدرسة من المؤكد أنها ستترك بصماتها. قبو مليء بالحطام والجثث المتشابكة، عارية من الانفجار، مغطاة بالدماء.
إدانة أممية شديدة
علق المفوض العام لوكالة إغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، فيليب لازاريني على تعرض مدرسة “التابعين” لقصف وقتل العشرات من الفلسطينيين بينهم نساء وأطفال وكبار سن، قائلا إنه “يوم آخر من الرعب في غزة”.
يأتي هذا في وقت أدان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة تزايد وتيرة ضربات الجيش الإسرائيلي على المدارس التي لجأ إليها مئات الآلاف من الفلسطينيين النازحين قسرا.
وأكد لازاريني أن المدارس ومرافق الأمم المتحدة والبنية التحتية المدنية ليست أهدافا.
وشدد على أنه يجب حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية في جميع الأوقات.
وقال لازاريني: “حان الوقت لوقف هذه الأهوال التي تتكشف أمام أنظارنا. لا يمكننا السماح للأمر الذي لا يطاق بأن يصبح قاعدة جديدة. كلما تكرر (هذا الأمر)، فقدنا إنسانيتنا الجماعية”.
إدانة تزايد الضربات
بدوره، أدان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة تزايد وتيرة ضربات الجيش الإسرائيلي على المدارس التي لجأ إليها مئات الآلاف من الفلسطينيين النازحين قسرا والتي قال إنها تتم بتجاهل واضح للمعدل المرتفع للوفيات بين المدنيين.
وفي تفاصيل المذبحة الإسرائيلية، قال المكتب في بيان أصدره اليوم السبت إنه في حوالي الساعة 4:30 صباحا بالتوقيت المحلي، أثناء صلاة الفجر، ضربت القوات الإسرائيلية مسجدا داخل مدرسة التابعين في شمال غزة ثلاث مرات على الأقل.
وذكر أن التقارير الأولية أفادت بقتل ما لا يقل عن 93 فلسطينيا، بمن فيهم 11 طفلا و6 نساء، مشيرا إلى أنه يبدو أن غالبية الضحايا كانوا داخل المسجد أثناء أداء الصلاة، هذا علاوة على ورود تقارير عن إصابة العشرات بجروح خطيرة، أغلبهم من الأطفال والنساء وكبار السن.
وقال مكتب حقوق الإنسان إن هذه هي الضربة الحادية والعشرون على الأقل على مدارس، تحولت كلها إلى ملاجئ، والتي سجلها المكتب منذ 4 تموز/يوليو.
وأسفرت هذه الضربات عن قتل ما لا يقل عن 274 شخصا، بمن فيهم نساء وأطفال.
“رعب لا يوصف”
وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة إنه على الرغم من تصريحات الجيش الإسرائيلي بأن كافة التدابير تُتخذ لتجنب إلحاق الضرر بالمدنيين، فإن الضربات المتكررة على ملاجئ النازحين في المناطق التي اضطر السكان إلى الانتقال إليها، والتأثير المستمر والمتوقع على المدنيين، تشير إلى الفشل في الامتثال الصارم للالتزامات التي يفرضها القانون الإنساني الدولي، بما فيها مبادئ التمييز والتناسب والاحتياط في الهجوم.
ولفت الانتباه إلى أن هذه الهجمات المنهجية على المدارس تأتي في سياق نزوح أكثر من 90 في المائة من سكان غزة بينما يواصل الجيش الإسرائيلي تفجير المباني السكنية وتقييد دخول وتوزيع المساعدات الإنسانية.
وأضاف أن النازحين يواجهون رعبا لا يوصف بعد عشرة أشهر من الأعمال العدائية، بما في ذلك النزوح القسري المتعدد، والانتشار السريع للأمراض، والحرمان المستمر من الوصول إلى الضروريات الأساسية للحياة. وبالنسبة للعديد منهم، تشكل المدارس الملاذ الأخير للعثور على بعض المأوى والوصول المحتمل إلى الغذاء والماء.
وأكد المكتب الأممي أن دولة الاحتلال الإسرائيلي، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، ملزمة بتوفير الاحتياجات الإنسانية الأساسية للسكان الذين هجرتهم قسرا، بما في ذلك المأوى الآمن.