
أكدت كبير محللي فلسطين في مجموعة الأزمات، الباحثة تهاني مصطفى، أن السلطة الفلسطينية تتحمل جزءًا من المسؤولية عن التدهور المستمر في الضفة الغربية وتزايد تغوّل الاحتلال.
وأوضحت أن ذلك يعود إلى غياب البدائل الاقتصادية، وتدهور مستويات المعيشة، وعدم اتخاذ خطوات جدية لحماية الفلسطينيين من اعتداءات المستوطنين والجيش الإسرائيلي.
وأضافت مصطفى، أن السلطة الفلسطينية “لا تعتمد على الفلسطينيين في بقائها، فهي لا تحتاج إليهم ماليًا أو سياسيًا، وإنما تعتمد على دعم الولايات المتحدة وإسرائيل”.
وأشارت إلى أن الاستياء الشعبي الكبير، الذي أظهرته استطلاعات الرأي المتكررة، لم يدفع السلطة نحو أي إصلاحات، لأن استمرارها مرتبط بالدعم الغربي وليس برضى الشارع الفلسطيني.
وتابعت: “ما دامت الولايات المتحدة مستمرة في تمويل السلطة، وأوروبا تقدم المساعدات، وإسرائيل تسمح لها بالبقاء، فإنها ستستمر رغم الغضب الشعبي”.
وأكدت أن السلطة تركز على التعامل مع الأمريكيين والأوروبيين فقط، متجاهلة شعبها تمامًا.
تصعيد خطير في نابلس والمسجد الأقصى
وفي سياق متصل، حذّر الكاتب السياسي الفلسطيني مروان الأقرع من أن القادم أخطر، معتبرًا أن ما يُحاك للضفة الغربية والمسجد الأقصى لا يمكن إيقافه عبر التفاوض أو الاتفاقات السياسية.
وأوضح الأقرع أن “المخطط الحالي يهدف إلى إفراغ الضفة من سكانها، عبر فرض حياة صعبة تجعل الهجرة الخيار الوحيد أمام الفلسطينيين”، مؤكدًا أن الاحتلال يسعى لفرض واقع ديموغرافي جديد يخدم مشاريعه الاستيطانية.
وأشار إلى أن اقتحام قوات الاحتلال للبلدة القديمة في نابلس، وإحراق مسجد النصر، وتدنيس المساجد التاريخية، يحمل “رسالة حقد وثأر” ضد المدينة ومساجدها التي احتضنت مقاومة عرين الأسود.
ولفت إلى أن “هذا الحقد الدفين من الاحتلال يجب أن يكون فرصة لمراجعة كل من اجتهد في القضاء على المقاومة الفلسطينية”، في إشارة إلى أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية التي عملت على تفكيك المجموعات المسلحة.
وأكد الأقرع أن “على الرغم من مرور أكثر من عامين على تفكيك عرين الأسود، وما رافقه من ملاحقات أمنية، فإن نابلس ما زالت محاصرة بالكامل وتتعرض لاقتحامات يومية”.
ودعا الأقرع إلى وقفة فلسطينية موحدة ضد الاحتلال ومخططاته التصفوية، معتبرًا أن استمرار الانقسام يخدم الاحتلال بالدرجة الأولى.
فقدان السلطة لأي مظهر من مظاهر السيادة
ويرى محللون أن السلطة الفلسطينية لم يعد لديها أي مظاهر سيادة لتبرير استمرار وجودها، حيث تحولت إلى كيان تابع للاحتلال الإسرائيلي.
وأكدوا أن الاحتلال، رغم كل ما قدمته السلطة من خدمات أمنية، لا يراها سوى كجهاز يخدم أمنه وأمن مستوطنيه.
وفي مشهد يعكس هذه التبعية، تداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر جنود الاحتلال وهم يوقفون العمل في طريق ببلدة دير بلوط في محافظة سلفيت، ويقومون باحتجاز العمال الفلسطينيين.
وعلّق الناشط السياسي ياسين عز الدين على هذا المشهد متسائلًا: “في ضوء التنسيق الأمني مع الاحتلال والخدمات الجليلة التي تقدمها السلطة، ماذا حصلت في المقابل؟ ألا تستطيع حتى التوسط لتعبيد طريق يخدم المواطنين؟ أم أن كل خدماتها مجانية لصالح الاحتلال؟”.
وأضاف عز الدين أن السلطة تعتمد على تقديم تنازلات للاحتلال مقابل وعود جوفاء، موضحًا أن “فلسفة السلطة تقوم على تقديم التنازلات والمبادرات المجانية، في محاولة لإحراج الاحتلال أمام الرأي العام الدولي، لكنها تمنع الإعلام من تغطية الجرائم بشكل حر، فكيف ستتمكن من إحراجه إذن؟”.
وختم قائلًا: “قلنا مرارًا وتكرارًا، السلطة تعتبر نفسها وكيلًا أمنيًا يعمل لصالح الاحتلال، تتقاسم المهام معه، وهذا الفيديو ليس إلا دليلًا جديدًا على ذلك”.
وتتزايد الاتهامات للسلطة الفلسطينية بأنها أصبحت كيانًا تابعًا للاحتلال، سواء من خلال سياساتها الأمنية، أو عبر تهميشها للشعب الفلسطيني مقابل الحفاظ على دعم القوى الغربية.