بمنظومة أمريكية: السلطة الفلسطينية تخدم الاحتلال إلكترونيا

بفضل منظومة متطورة حصلت عليها من الولايات المتحدة الأمريكية لتشغيل الذباب الإلكتروني والتأثير على توجهات الرأي العام، لا تنفك السلطة الفلسطينية تخدم الاحتلال إلكترونيا وتحاول الطعن في ظهر المقاومة ومهاجمة رموزها.
إذ عبر تقنيات شديدة التطور والتقدم في تشغيل وتسيير الجيش الإلكترونية، تكثف السلطة الفلسطينية هجماتها الإعلامية لا سيما خلال حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة لمهاجمة المقاومة والتأثير سلبا على سكان القطاع بهدف كسر صبرهم وصمودهم.
فضلا عن ذلك تنشط السلطة الفلسطينية في نشر رواية الاحتلال والترويج لها بل والدفاع عنها، فضلا عن الترويج للسلطة واتباعها في مقابل مهاجمة المقاومين واتهامهم بالخيانة وأنهم قطاع طرق وخارجون عن القانون.
وتبرز حملة التحريض الممنهجة للسلطة الفلسطينية خلال الحملات الأمنية لأجهزة السلطة الأمنية على مخيمات جنين وطولكرم وغيرها من مراكز المقاومة في الضفة الغربية المحتلة.
وكشفت مصادر عن جيشٍ إلكتروني يقوده ضباط من أجهزة السلطة يهدف للتحريض وبث الإشاعات والأكاذيب عبر منصات التواصل الاجتماعي وإغلاق صفحات معارضة لنهج السلطة والتنسيق الأمني أو من ينتقد أداءها.
ويدير تلك الصفحات والمجموعات على تطبيق واتساب تضم المئات من عناصر السلطة وأيضا النشطاء الموالين لحركة فتح والسلطة من غزة والضفة وأيضا من خارج فلسطين كالأردن ولبنان، وتهدف هذه المجموعات لتنسيق عمل الجيش الإلكتروني وتبادل الرسائل والتوجيهات.
وتمكن الجيش الإلكتروني الذي تقوده أجهزة السلطة من إغلاق أكثر من 3000 حساب لنشطاء وإعلاميين فلسطينيين.
وإذ تقود السلطة حملةِ بلاغات ممنهجة استهدفت الحسابات اعتمدت على التحريض عليهم لدى فيسبوك لنشرهم منشورات تروج للرواية الفلسطينية كأسماء الشهداء المقاومين أو صوراً من جنازات تشييعهم.
وومن بين أسماء هذه المجموعات على واتساب “جيش فتح الإلكتروني”، و”منتدى الثورة والتنظيم”، و”الشبيبة والعاصفة”، و”جيش فتح”، ويعمل هؤلاء الضباط على تغيير متكرر للمجموعات وعمل تحديثات على المنضمين تحتها حيث يتم تبادل مقاطع فيديو وتصميمات مذيلة باسم جيش فتح الإلكتروني.
وتعمل تلك الصفحات على مهاجمة كل من يعارض نهج السلطة والتنسيق الأمني أو يكشف خبايا تفصح عن تورط أجهزة السلطة باغتيال مقاومين أو ينتقد أداء السلطة وتخاذلها إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني.
التحريض على المقاومة
ولا يكاد يمر يوم إلا تنتشر أكاذيب جديدة تمس المقاومة وقيادتها ويقف خلفها طابور طويل من الذباب الإلكتروني وتبرأ الاحتلال وتضعه كأنه حمل وديع يدافع عن نفسه أمام شعب هو يحتله ويقتله يوميا.
ورغم أن هذه الأكاذيب تدحض نفسها من خلال وقائع ميدانية وحقائق دامغة تظهر السلطة وأجهزتها الأمنية على حقيقتهم إلا أنهم يواصلون ذات الطريق والنهج في تأدية دورهم الوظيفي الذي رسمه اتفاق أوسلو ويعبرون عنه من خلال التنسيق الأمني.
ومن أبرز أمثلة الحرب الإلكترونية الجارية طريقة كثرة الأعداء” وذلك عبر نشر محتوى إيجابي يدعم الوحدة الوطنية ثم يهاجم الذباب الإلكتروني بتعليقات مُحرِّضة بغرض إثارة اتّهامات شخصية من أجل الإرباك والإشغال.
وهنا يتحوّل النقاش لقضايا خلافية بحيث ينجرّ الجَمهور للمشاحنات، ويتشتّت الانتباه ويضيع الهدف الأصلي للمنشور.
وتلك تقنية معروفة من تقنيات الحرب الإلكترونية ابتكرتها شركة Cambridge Analytica، وتسمّى هذه التقنية «اختطاف النقاش» Topic Hijacking أو «التشتيت المتعمّد» Deliberate Derailment، وهي استراتيجية شائعة يستخدمها الذباب الإلكتروني للتلاعب بالمحادثات عبر منصّات التواصل الاجتماعي.
وخطوات هذه التقنية تشمل:
1| مراقبة المنشورات ذات القضايا الإنسانية أو المهمّة اجتماعياً.
2| تجاهل الموضوع الرئيس للمنشور.
3| إثارة اتّهامات شخصية ضدّ كاتب المنشور (اتّهامك بالطائفية أو التطبيل).
4| تحويل النقاش نحو قضايا خلافية مرتبطة.
5| إشعال جدل الانقسام والخلاف وخطاب الكراهيَة لصرف انتباه المتابعين.
6| استنزاف طاقة المناقشة بعيداً عن الهدف الأصلي.
ويبرز الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا، أنه يمكن بوضوح رصد نشاط كبير للذباب الإلكتروني في شن حملات تحريض وتشويه ضد الشخصيات الوطنية والنيل منها خدمة للاحتلال وتساوقا مع دعايته.
ويقول القرا إن تنامي حالة الذباب الإلكتروني في خضم حرب الإبادة التي مست كل شيء في قطاع غزة دون أن تنجح في فرض الاستسلام على الشعب ولا مقاومته الباسلة التي لا تزال تقاتل؛ ليس بريئا بل هو جزء من الحرب التي تأخذ أشكالا متعددة ويوظف فيها الاحتلال كل أدواته الرخيصة.
وينبه إلى أن المتتبع للحملات التي يشنها الذباب الإلكتروني، يجد أنها تأخذ أشكالا متعددة، وهي تحاول أن تضعف الرمزية للكثير من الشخصيات الوطنية والمقاومة، فمثلا هناك هجوم على الملثم، وهناك هجوم على محاولة ضبط الحالة الأمنية في القطاع، وهناك تشكيك في أداء المقاومة رغم إقرار الاحتلال بفشله في كسر إرادتها، وهناك هجوم على الشخصيات الوطنية.
لكن القرا يشدد على أن الشعب الفلسطيني ورغم الإبادة التي يتعرض لها، وما فقده من شهداء ومباني وما يعانيه جراء النزوح والقصف، إلاّ أنه لا يزال يوجه من بين الركام والدمار وخيام النزوح رسائل الثبات والتمسك بالأرض والوفاء لخيار المقاومة؛ ما يمثل صفعة شديدة للاحتلال وأعوانه.