تحليلات واراء
أخر الأخبار

خبراء: الدفاعات الجوية الإسرائيلية تتآكل تحت وقع الصواريخ الإيرانية

مع مساء الخميس 19 يونيو 2025، دوّت صافرات الإنذار في تل أبيب، إيذانًا بحدث غير مسبوق وهو ضربة إيرانية دقيقة وموجعة استهدفت قلب الكيان الإسرائيلي، ووصفت بأنها الأعنف منذ بدء التصعيد الإقليمي.

والتحرك الإيراني هذا، لم يُقرأ فقط كردٍّ على الهجوم الإسرائيلي ضد طهران، بل كمؤشر على تحوّل استراتيجي كبير قد يُعيد تشكيل قواعد الاشتباك.

إيران تفتح جبهة الاستنزاف الطويل

ورأى المحلل السياسي الفلسطيني أحمد الحيلة أن ما جرى لم يكن مجرد ردٍّ محدود، بل يمثل تحولاً نوعيًا في نمط المواجهة.

ووفق الحيلة، فإن اختيار إيران لضرب تل أبيب مباشرة بعد شهور من الردود المحسوبة، يعكس رغبتها في إيصال رسائل استراتيجية عميقة، تُعبّر عن انتقال المعركة إلى مرحلة جديدة تتسم بالاستنزاف المدروس وطول النفس، مشيرًا إلى أن طهران ومحور المقاومة لن ينجروا إلى ردود انفعالية، بل يخططون لمعركة ممتدة قد تُفضي إلى حسم استراتيجي.

كما ربط الحيلة هذا التطور بديناميات الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر 2023، مع تصاعد المواجهة من غزة إلى الإقليم، معتبرًا أن هذا التصعيد من شأنه أن يُسرّع من تورط الولايات المتحدة في المواجهة، ويمهد الطريق لدخول قوى محور المقاومة الأخرى، مثل حزب الله والحشد الشعبي والحوثيين، في جولات أكثر اتساعًا.

توازن بارد ورسالة مدروسة

أما الصحفي العراقي صلاح الزبيدي، فقد رأى أن طهران تتعامل مع المعركة بعقل استراتيجي متزن، بعيد عن ردود الفعل المتسرعة.

واعتبر أن الرد الإيراني جاء محمّلاً برسالة مفادها: “نملك القدرة على إيقاع الأذى الكبير، لكننا نفضّل أن نُفهمكم قبل أن نُحرق”.

وبحسب الزبيدي، فإن الردّ لم يكن إغلاقًا للمعركة بل بوابة نحو جولة أوسع، في توقيت تختاره إيران بدقة.

الردع الإسرائيلي يهتز تحت وقع الصواريخ الإيرانية

أما الخبير العسكري نضال أبو زيد قدّم قراءة تفصيلية لمحدودية أداء الدفاعات الجوية الإسرائيلية خلال الضربات الأخيرة. وبيّن أن منظومات الدفاع عانت من تراجع في فعاليتها وتكلفة تشغيلية باهظة، مشيرًا إلى أن نسبة نجاح اعتراض الصواريخ الإيرانية تراجعت من 95٪ إلى قرابة 60٪، وهو ما يعكس الضغط الكبير الواقع على تلك المنظومات.

وأوضح أن التكلفة المالية لتشغيل منظومات الدفاع خلال الهجوم الإيراني الأخير بلغت نحو 273 مليون دولار، وهو رقم يعكس استنزافًا اقتصاديًا مباشرًا.

كما أشار إلى انخفاض وتيرة إنتاج الصواريخ الاعتراضية، ما يؤدي إلى تآكل المخزون الاستراتيجي ويُضعف من جهوزية الرد في حال استمرار الهجمات.

ورأى أبو زيد أن إيران اتبعت تكتيكًا ذكيًا بدأ بإطلاق كثيف لإرباك الدفاعات، تلاه استخدام صواريخ دقيقة تُصيب أهدافًا نوعية.

ولفت إلى أن فاعلية هذه الاستراتيجية ترتبط أيضًا بالقدرة على الحفاظ على منظومات القيادة والسيطرة، رغم محاولات الاحتلال لضربها.

واختتم أبو زيد بالإشارة إلى أن الولايات المتحدة قد تجد نفسها مضطرة للتدخل ميدانيًا في حال استمرار تدهور الردع الإسرائيلي، وأن هذه اللحظة قد تكون أقرب مما تشير إليه التصريحات الرسمية.

صواريخ “فتّاح” تنقل الرعب إلى الداخل الإسرائيلي

بدوره، أكّد أستاذ العلوم السياسية عبد الله الشايجي أن أهمية الضربة لا تكمن فقط في دقتها أو تأثيرها المباشر، بل في الرمزية العميقة التي تحملها، إذ حملت معها مشهدًا معكوسًا لما عاشته عواصم عربية تعرضت للقصف الإسرائيلي سابقًا.

وأشار الشايجي إلى أن العجز الظاهر في منظومات الدفاع الأمريكية والإسرائيلية أمام الموجات الصاروخية الإيرانية، أثار شكوكًا كبيرة حول قدرة “إسرائيل” على الصمود أمام ضربات أكثر كثافة في حال توسعت الحرب.

ورأى أن هذا الضعف قد يدفع إدارة ترامب – في حال عودته للبيت الأبيض – إلى تدخل مباشر سياسيًا وعسكريًا لدعم الاحتلال، محذرًا من أن مثل هذا التحرك قد يُشعل المنطقة على نحو غير مسبوق.

ولم تكن الضربة الإيرانية في تل أبيب مجرد تصعيد عابر، بل لحظة فاصلة في مشهد إقليمي مضطرب. الرسائل واضحة هي منظومات الردع الإسرائيلية لم تعد منيعة، والقرار الإيراني بالانتقال إلى مرحلة الاستنزاف قد يعيد رسم خريطة الصراع. ومع ترقب التحركات الأمريكية، تبقى كل الخيارات مفتوحة على حروب أوسع ومواجهات أكثر تعقيدًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى