معالجات اخبارية
أخر الأخبار

التاريخ يعيد نفسه.. كيف تُسلب المقاومة لتبدأ المجازر؟

في لحظات التحول الكبرى، كثيرًا ما تُقدَّم مشاهد الانسحاب ونزع السلاح كـ”إنجازات سياسية” أو “خطوات نحو الاستقرار”، لكنها تخفي وراءها فصولًا دامية من الخيانة والمجازر.

والصورة التي نشرتها صحيفة “النهار” اللبنانية في 28 آب/أغسطس 1982 ليست توثيقًا لحدث عابر، بل رصدٌ لبداية سلسلة جرائم ممنهجة ضد الشعب الفلسطيني، بدأت بتسليم السلاح وانتهت بجثث الأطفال في أزقة صبرا وشاتيلا.

والصفقات التي تُبرم تحت شعارات “السيادة”، و”توحيد القرار”، و”نزع الفتيل” غالبًا ما تشعل فتيلًا آخر لمجزرة مقبلة. وبينما يعيد التاريخ نفسه بأدوات وأسماء جديدة، تبقى الذاكرة الحية وحدها القادرة على فضح التكرار وتحذير الحاضر من كوارث المستقبل.

الصحف وثّقت الخبر:

“المرحلة الأولى من انسحاب المقاتلين الفلسطينيين تمت بنجاح”.

“الجيش اللبناني يتسلّم مخازن الذخائر التي تركتها المقاومة”.

وفي اليوم التالي: “إبادة جماعية في المخيّمات… مجزرة رهيبة بحق النساء والأطفال”.

واليوم، تُعاد الأحداث بصيغ مختلفة، لكن الهدف يبقى تفكيك بنى المقاومة وتجريدها من سلاحها الشعبي والعسكري، ما يسهّل تنفيذ المجازر بالحديد والنار أو عبر الحصار والتجويع.

والعدو يحتفظ بهذا الهدف، والأنظمة المتواطئة تستمر في دعم سياساته، فيما الشعوب التي تغفل عن دروس التاريخ تتعرض لتداعيات متكررة.

 أدوات واحدة وأقنعة جديدة

وما جرى في لبنان مطلع الثمانينات لم يكن حدثًا منعزلًا. كان نموذجًا لتصفية المقاومة بمساعدة إقليمية ودولية، عبر اتفاقيات ظاهرها التهدئة، وجوهرها التفكيك والخيانة.

وما يجري اليوم في غزة والضفة والشتات يعيد رسم السيناريو ذاته نزع السلاح، تجريم المقاومة، فتح أبواب الإبادة، ثم صمت دولي وغطاء رسمي.

واليوم تُطرح مشاريع تحت مسميات “إعادة الإعمار”، و”ضبط الأمن”، و”وحدة السلاح”، وهي ليست إلا نسخًا معاصرة لما حدث بالأمس في بيروت، حين سلّمت البنادق في وضح النهار، ثم قُطّعت الأجساد في ليل المخيم.

ويرى مراقبون أن الدم الفلسطيني المسفوك في صبرا وشاتيلا لم يكن نتيجة خطأ عسكري، بل كان نتاجًا مباشرًا لتجريد المقاومة من أدوات ردعها.

ويعتبرون أن أي محاولة لتكرار هذا النموذج، سواء في غزة أو غيرها، تمثل امتدادًا لتلك المجازر، كما يحذرون من أن الصمت تجاه هذه الوقائع قد يسهم في تكرار الجريمة القادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى