تحليلات واراء

الإعلام الإسرائيلي: رد حماس على عرض التهدئة يعكس استمرار قوتها ونفوذها

تدرس الحكومة الإسرائيلية رد حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على عرض وقف إطلاق النار المقترح المعروف باسم “مخطط ويتكوف المُحسّن”، الذي يتضمن إطلاق سراح أسرى إسرائيليين مقابل وقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 60 يوما.

وأبرزت وسائل إعلام عبرية أن هذه اللحظة الحاسمة ليست فقط محطة دبلوماسية، بل تعكس كذلك استمرار قوة وحضور حماس السياسي والعسكري، رغم حرب الإبادة التي شنّها الجيش الإسرائيلي في غزة منذ نحو 22 شهرا.

فحماس، كما ذكرت صحيفة “معاريف” العبرية، لم تتراجع ولم ترمش في ردها على المقترح، بل أرفقت ملاحظات وتعديلات تُعتبر عمليًا تحفظات تعكس موقفًا قويًا ومستقلاً.

وأشارت الصحيفة إلى أن “رد حماس لم يظهر تراجع الحركة، فهي تواصل إدارة شؤونها كما لو أنها لم تُحشر في الزاوية”، مضيفة أن قبول هذه التحفظات سيكون بمثابة “فشل ذريع” للخطوات العسكرية الإسرائيلية المعروفة بـ”عربات جدعون”، وسيعني تعافي الحركة، وانتقالها إلى موقع قوة يمكنها منه فرض شروطها.

استقلالية موقف حماس

أبرزت صحيفة معاريف أن المطالب الثلاث التي وضعتها حماس تضمنت وقف الحرب، وانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى خطوط ما قبل عمليات “عربات جدعون”، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية دون عوائق، وأخيرًا ضمانات أمريكية بعدم استئناف الحرب بعد انتهاء وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا.

وبحسب الصحيفة فإن هذه المطالب تعكس إدراك الحركة لاستقلاليتها، وتؤكد تصميمها على البقاء اللاعب الأساسي في غزة.

من جهتها نقلت صحيفة “هآرتس”، عن مصادر إسرائيلية رسمية أن رد حماس يخضع للدراسة الدقيقة، وسط جدل في أروقة الحكومة.

ففي اجتماع مرتقب للمجلس الوزاري السياسي والأمني (“الكابينت”) مساء السبت 5 يوليو 2025، من المتوقع أن تناقش الحكومة رد الحركة ومستقبل العملية العسكرية.

ويتوقع أن تشمل المفاوضات جولات غير مباشرة في قطر والقاهرة، حيث يتواجد وفد حماس برئاسة خليل الحية، في حين يتجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي ترامب، الذي أكد إيجابية رد حماس ورغبته في تنفيذ الاتفاق سريعًا.

انقسامات سياسية إسرائيلية

تكشف التفاصيل التي نقلتها القناة 12 الإسرائيلية عن أن رد حماس، رغم وصفه بـ”الإيجابي”، جاء مع طلب تعديلات على البنود المتعلقة بإطلاق سراح الأسرى، خطوط الانسحاب، والمساعدات الإنسانية.

ويفترض أن يتضمّن الاتفاق إطلاق سراح 10 أسرى على مراحل خلال وقف إطلاق نار مدته 60 يومًا، مع استمرار المفاوضات لوضع اتفاق دائم.

وفي الداخل الإسرائيلي، يعاني هذا الملف من انقسامات سياسية، حيث يعارض وزيران في الحكومة الصفقة، بينما تعبر عائلات الأسرى عن قلقها وتطالب بتسريع المفاوضات، وهو ما يشير إلى تعقيدات إضافية تزيد من صعوبة اتخاذ قرارات حاسمة.

ما يلفت الانتباه في تغطية الإعلام الإسرائيلي هو أن الردّ المتماسك والمنظم لحماس يكشف عن فشل إسرائيلي في فرض استسلام أو ضعف على الحركة، رغم الحرب الشرسة والمجهود العسكري الهائل.

تصريحات “معاريف” توضح أن “رد حماس ليس مرنًا، بل على العكس، يُقدم موقفًا قائماً على استقلاليتها وخططها للذهاب بعيدًا، للبقاء العامل الأهم في غزة يومًا بعد يوم، وضمان حرمان (إسرائيل) من أي نفوذ في المستقبل”.

هذا الموقف يعكس واقعًا مغايرًا لرواية دولة الاحتلال التي روجت لفكرة تدمير المقاومة وإضعافها إلى حد التراجع، وهو مؤشر على أن فصائل المقاومة، وعلى رأسها حماس، نجحت في الصمود رغم كل ويلات حرب الإبادة، ورفضت رفع الراية البيضاء.

وبالنظر إلى المفاوضات، فإن مطالبة حماس بإعادة صياغة البنود ذات الطابع الإنساني والسياسي، ورفضها تنفيذ الصفقة دون ضمانات ملموسة، يؤكد استمرارها كقوة حيوية في قطاع غزة، قادرة على فرض شروطها حتى في أصعب الظروف.

وعليه يُظهر الإعلام الإسرائيلي أن المواجهة مع حماس ليست حربًا يمكن حسمها عسكريًا بسهولة، بل صراع مستمر سياسيًا واستراتيجيًا، حيث تكمن قوة حماس في قدرتها على المناورة، الصمود، وإدارة ملف المفاوضات بشروط تصب في تعزيز نفوذها، الأمر الذي يشكل تحديًا مستمرًا لدولة الاحتلال وأدواتها السياسية والعسكرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى