القصة في صور

مأساة أطفال غزة: جثث متفحمة وأرواح بريئة تُزهق تحت قصف لا يرحم

في حوالي الساعة الثالثة عصر يوم الجمعة الماضي، استقبلت الدكتورة آلاء النجار، طبيبة الأطفال في مستشفى ناصر بخان يونس، مشهداً لا يمكن وصفه إلا بالكابوس: جثث سبعة من أطفالها العشرة المتفحمة، ضحايا غارة جوية إسرائيلية مدمرة. جثتان لطفلين آخرين لا تزالان مدفونتين تحت الأنقاض، وكأن الألم لم ينتهِ بعد.

على بعد أميال قليلة من هناك، فقدت غزة طفلتها يقين حماد، ذات الأحد عشر ربيعاً، التي عُرفت على مواقع التواصل الاجتماعي بأنها أصغر مؤثرة فلسطينية.

كانت يقين تسقي الزهور في رقعة صغيرة من الخضرة جمعتها بشق الأنفس في مخيم للنازحين، حين استهدف القصف منزل عائلتها، لتفقد حياتها في لحظة مروعة. ابن عمها، إياد، الذي لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، أصيب بجروح بالغة في الغارة ذاتها.

هذه المآسي ليست حالات فردية بل جزء من واقع يومي قاسٍ يعاني منه أطفال غزة، حيث يُقتل ويُشوه جيل بأكمله تحت نيران حرب مدمرة لا تميز بين كبير وصغير.

أرقام صادمة خلف كل قصة

وفقًا لمسؤولي الصحة في غزة، استشهد أكثر من 16,500 طفل خلال 19 شهرًا من الحرب المستمرة، وهو رقم يفوق بحوالي 24 ضعف عدد الأطفال الذين قتلوا في أوكرانيا خلال غزو روسيا، رغم الفارق الكبير في عدد السكان.

وتؤكد منظمة الصحة العالمية تسجيل 15,613 وفاة بين الأطفال في غزة، وأرقام لا يمكن إلا أن تثير الصدمة والقلق.

مأساة النجار: عائلة مزقتها الحرب

آلاء النجار قضت ساعاتها بين البكاء والانتظار خارج غرفة ابنها الوحيد الناجي، آدم. الطفل الذي يبلغ من العمر أحد عشر عامًا، يرقد على جهاز التنفس الصناعي، وقد غطى الحريق أكثر من 60% من جسده، وتهدد إصاباته حياته يومًا بعد يوم.

زوجها حمدي النجار، طبيب يبلغ من العمر 40 عامًا، نجا من الغارة لكنه يعاني من إصابات خطيرة منها تلف في المخ وكسور ناجمة عن الشظايا، ولا يزال في العناية المركزة.

قصة يقين حماد وإياد: أطفال تحت نيران لا ترحم

إياد، ابن عم يقين وابن المسعف حسين حسن، ما زال يرقد في العناية المركزة بمستشفى ناصر، مصابًا بفقدان عينه اليسرى وكسر في الكتف، جراء القصف العنيف الذي لم يترك سوى الخراب وراءه.

حسين يروي الحادثة بحسرة: “لم نتلق أي تحذير قبل الضربة. كيف يُعقل أن يُستهدف أطفال يزرعون الزهور؟”. واصفًا حالة العائلة المفجوعة، “رؤية إياد في هذا الوضع حطمت قلبي، وفقدان يقين لا يُحتمل… كل طفل هنا يحمل قصة وحياة، ليس مجرد رقم”.

جريمة قتل يقين أثارت موجة من الحزن على منصات التواصل، حيث ودعها المجتمع الفلسطيني والعالم كفتاة مرحة وحيوية رحلت فجأة في فاجعة لا تعوض.

ضحية القصف على مدرسة

لم يكن الأطفال في غزة بأمان حتى في مدارسهم. ورد خليل، فتاة تبلغ من العمر ست سنوات، نجت بصعوبة من غارة إسرائيلية على مدرسة فهمي الجرجاوي التي قتلت والدتها وشقيقيها.

ورغم الخوف والألم، تحدثت ورد في مقابلة مؤثرة عن لحظة نجاتها، والدمار الذي عايشته أمام عينيها.

وتحت وطأة الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ أشهر، يعاني أطفال غزة من أزمة غذائية حادة تهدد حياتهم. في 48 ساعة فقط خلال الأسبوع الماضي، توفي 29 طفلاً ومسنًا جوعًا، حسب وزير الصحة الفلسطيني.

ويُتوقع أن يعاني أكثر من 71 ألف طفل تحت سن الخامسة من سوء تغذية حاد خلال الأشهر المقبلة، بينهم 14,100 حالة خطيرة. منظمة اليونيسف أكدت معالجة أكثر من 9000 طفل من سوء التغذية هذا العام فقط، وناشدت المجتمع الدولي لوقف هذه الكارثة الإنسانية فورًا.

نداء لإنقاذ ما تبقى من حياة

أطفال غزة، الذين يعانون من القصف والجوع والمرض، بحاجة ماسة إلى الحماية، إلى الغذاء والماء والدواء، وإلى وقف إطلاق النار فورًا. أكثر من مجرد أرقام في تقارير، هم أرواح بريئة وأحلام معلقة في سماء حرب لا ترحم.

إنهم يصرخون من أجل إنقاذ حياتهم، ومن أجل أن يعيشوا بسلام بعيدًا عن أصوات القصف ودمار منازلهم. الوقت ليس للمزيد من الانتظار، بل للعمل الجماعي العاجل لإنقاذ أطفال غزة وإنهاء معاناتهم التي لا تحتمل.

الشهيدة يقين حماد
آدم النجار يرقد على سرير في مستشفى ناصر
صورة عائلية لآدم النجار
الطبيبة آلاء النجار بعد صدمة استشهاد أطفالها
الطفلة ورد خليل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى