
تتسع رقعة الغضب الشعبي في أوروبا مع دخول العدوان الإسرائيلي على غزة شهره العشرين ونصف، في واحدة من أطول وأعنف الحملات العسكرية في التاريخ الحديث، حيث شهدت عدة عواصم أوروبية مظاهرات جماهيرية رافضة لاستمرار المجازر، وسط دعوات متصاعدة لوقف الدعم العسكري والسياسي الذي تقدمه حكومات الغرب لإسرائيل.
أعلام فلسطين تغزو أوروبا
من لندن إلى برلين، ومن روما إلى ستوكهولم، تظاهر الآلاف، بعضهم لأول مرة، في مشهد يعكس تحول الشارع الأوروبي إلى لاعب ضاغط على صناع القرار.
وغطّت أعلام فلسطين الساحات، وصور الضحايا، خاصة الأطفال، تصدّرت اللافتات، بينما حمل المتظاهرون شعارات تُدين الإبادة وتدعو لمحاسبة المسؤولين.
العاصمة البريطانية “لا لسلاح يُقتل به أطفال غزة”
في لندن، تجمّع عشرات الآلاف في قلب المدينة، مطالبين بوقف ما وصفوه بـ”التواطؤ الرسمي مع آلة القتل”، مؤكدين أن الحكومة البريطانية تتحمّل مسؤولية أخلاقية وسياسية عبر استمرارها في تسليح إسرائيل رغم تصاعد جرائم الحرب.
ولم تقتصر المظاهرة على فلسطين، بل امتدت شعاراتها لتشمل الرفض الشعبي لأي تصعيد إقليمي جديد، خصوصًا في ظل التوتر بين إسرائيل وإيران.
رفض جماهيري للصمت الألماني
ووسط أجواء باردة مشحونة بالغضب، اجتمع متظاهرون أمام البرلمان الألماني، مطالبين بوقف فوري لتصدير السلاح وفرض عقوبات على الاحتلال.
المشهد في برلين بدا أكثر احتكاكًا، حيث عبّر المحتجون عن قلقهم من السياسة الألمانية التي تمنح إسرائيل غطاءً دبلوماسيًا لارتكاب انتهاكات فادحة في غزة.
القضية الفلسطينية تستعيد زخمها
وشهدت العاصمة الإيطالية واحدة من أكبر المسيرات المؤيدة لفلسطين منذ سنوات.
ونادت الحشود بوقف المجازر ورفع الحصار، وشهدت الفعالية مشاركة منظمات نقابية وطلابية وكنسية، أكدت في بياناتها أن الوقت قد حان لإنهاء النفاق الدولي وفتح ممرات الإغاثة دون قيود.
أما السويد، المعروفة بمزاجها الحيادي، فقد خرجت عن صمتها عبر تظاهرة صاخبة في ستوكهولم، ندد فيها المشاركون بما وصفوه بـ”الإبادة المستمرة في قطاع غزة”.
وحملت اللافتات رسائل مباشرة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ورفعت صور الشهداء الأطفال وسط صرخات غاضبة تطالب بتحرك عاجل من المجتمع الدولي.
ولم يقتصر التضامن على العواصم الكبرى، بل امتد إلى مدن أوروبية أخرى، حيث وثّق المركز الأوروبي الفلسطيني للإعلام مظاهرات في شتوتغارت الألمانية وآرهوس الدنماركية.
وفي كلتا المدينتين، رفع المتظاهرون شعارًا موحدًا: “ارفعوا الحصار، أوقفوا القتل، احموا المدنيين”.
أرقام تُشعل الضمير العالمي
وما يُغذي هذا الحراك الشعبي هو حجم الكارثة المتواصلة في غزة، أكثر من 187 ألف ضحية بين شهيد وجريح، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات الآلاف من النازحين يواجهون المجاعة في ظل تدمير شامل للبنية التحتية.
وباتت الاحتجاجات الأوروبية تعبّر عن شرخ حاد بين المزاج الشعبي والسياسات الرسمية. ففي حين تصر الحكومات الغربية على دعم إسرائيل سياسيًا وعسكريًا، يتحول الشارع إلى منصة رفض أخلاقي صريحة، ترفع صوتها نيابة عن الضحايا، وتُطالب بوقف العدوان فورًا.