
في مشهد يتكرر يوميًا على امتداد القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية، تتواصل اعتداءات عصابات المستوطنين المدججين بالسلاح، تحت حماية جيش الاحتلال، وسط صمت وتخاذل مريب من السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، التي باتت عاجزة عن حماية شعبها، منشغلة بحراسة مقارها وملاحقة النشطاء.
ولم تعد السلطة طرفًا غائبًا فقط، بل أصبحت جزءًا من حالة الانفصال عن الواقع، تتنكر لدورها الوطني في لحظة هي الأخطر على مستقبل الضفة، وتغلق أعينها عن جرائم إحراق المنازل والمركبات والاعتداءات المنظمة على الأهالي والمزارعين.
وفي ساعات الفجر فقط، نفذ المستوطنون سلسلة هجمات متزامنة في نابلس وسلفيت وطولكرم والخليل، استخدموا خلالها الزجاجات الحارقة والأسلحة البيضاء، مستهدفين بئر المسعودية شمال غرب نابلس، حيث أحرقوا منشآت ومركبات، واعتدوا على الحارس.
وفي ديراستيا، أضرموا النار عند مدخل منزل، فيما أُحرقت مركبات في سهل رامين وبالقرب من مستوطنة “أريئيل”، وأُتلفت جرافة في بلدة بروقين، ضمن خطة ممنهجة لترويع الفلسطينيين وفرض وقائع استيطانية بقوة الإرهاب.
وأمام هذا المشهد الدموي، التزمت السلطة الصمت كالعادة، وامتنعت عن اتخاذ أي خطوات لحماية المواطنين، تاركة القرى تواجه قدرها وحدها.
ولم تُحرك أجهزتها الأمنية ساكنًا، ولم ترسل تعزيزات، ولم تنشر حواجز لحماية السكان، بل استمرت في أداء دور المتفرج، بينما النار تلتهم الحقول، والمستوطنون ينفذون جرائمهم دون مساءلة.
وفي المقابل، أصدرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بيانًا شديد اللهجة، وصفت فيه اعتداءات المستوطنين بأنها تصعيد خطير في سياق مشروع الضم والتهجير، مؤكدة أن ما جرى فجر اليوم في بئر المسعودية وسلفيت ونابلس هو جزء من مخطط صهيوني لنهب الموارد الحيوية وسرقة الأراضي الفلسطينية.
وأكدت الحركة أن استمرار أعمال التجريف والتدمير في بلدة بروقين، والهجمات المتكررة في محيط بئر المسعودية، يعكس تغولًا استيطانيًا خطيرًا يجري برعاية حكومة الاحتلال وتحت غطاء الجيش.
وأشادت حماس بيقظة الأهالي في برقة ورامين والناقورة، وبجهود متطوعي الهلال الأحمر والدفاع المدني الذين تصدوا للاعتداءات رغم عراقيل الاحتلال ومنعه لوصول طواقم الإطفاء.
ودعت جماهير الشعب الفلسطيني إلى تصعيد المقاومة بكل الوسائل، والتصدي لعربدة المستوطنين ومخططات الاحتلال الهادفة لسرقة الأرض وتهجير السكان، مؤكدة أن هذه الاعتداءات لن تمر دون رد، وأن شعبنا سيبقى موحدًا في الدفاع عن حقوقه وثوابته الوطنية.