عبد الحميد عبد العاطي وارتباط وثيق بتنفيذ خطط الاحتلال في غزة

لا يزال عبد الحميد عبد العاطي، الصحفي السابق الذي تحوّل إلى أحد أهم الوجوه الناشطة ضمن شبكة أفيخاي الدعائية، يصر على الانخراط في خطط الاحتلال الإسرائيلي وتنفيذه أجندته الأمنية والسياسية في قطاع غزة.
أحدث ممارسات عبد العاطي تمثلت في تحريض فج ضد الموظفين الحكوميين في غزة، حيث زعم بأنهم يتلقون “طرودًا غذائية مسروقة بدلًا عن رواتبهم”، في محاولة مفضوحة لضرب مصداقية الجهات الحكومية والمقاومة، وإثارة السخط الشعبي، وتشويه صورة من يقفون في الخطوط الأمامية للصمود الوطني.
من هم موظفو غزة الذين يستهدفهم عبد العاطي؟
في الحقيقة، فإن موظفي الحكومة في غزة، وعلى رأسهم العاملون في القطاع الصحي، لم يغادروا مواقعهم منذ بدء الحرب. أطباء، ممرضون، ومسعفون بقوا داخل المستشفيات والعيادات، يعالجون الجرحى وسط القصف والحصار، دون أن يتقاضوا أجورًا منتظمة.
رواتب هؤلاء الموظفين المتقطعة لا تتجاوز 1000 شيكل كل عدة أشهر، ومع ذلك، فإنهم لم يكونوا ضمن المستفيدين من الطرود الغذائية، بل غابت أسماؤهم عن معظم قوائم المساعدات رغم كونهم من أكثر الفئات استحقاقًا.
ادعاءات عبد العاطي ليست فقط كاذبة، بل تُشكّل جزءًا من محاولة ممنهجة لتحريض الجمهور على الحكومة والمقاومة، وضرب صمود العاملين في الميدان من خلال التشكيك في نزاهتهم وشرفهم المهني.
عبد العاطي… من إذاعة محلية إلى خلية أفيخاي
عبد الحميد عبد العاطي ليس مجرد ناقد سياسي أو ناشط إعلامي، بل تحوّل إلى أداة وظيفية في خدمة الحرب الإسرائيلية الناعمة، وهو عضو نشط فيما يعرف بـ”شبكة أفيخاي”، نسبة إلى الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، التي تضم مجموعة من العرب الناطقين بالعربية الذين يروجون الرواية الإسرائيلية ويحرّضون على المقاومة من داخل الفضاء الفلسطيني.
بدأ عبد العاطي مسيرته في الإعلام المحلي، حيث عمل في إذاعة “الشعب”، ثم تدرج في مناصب مختلفة، أبرزها مدير إعلامي في مكتب النائب الراحلة راوية الشوا، ثم مديرًا لكلية الزيتونة الجامعية.
لاحقًا، أطلق موقعًا إلكترونيًا باسم “المواطن”، وبدأ بتقديم محتوى مصور على منصاته الشخصية، سرعان ما تحوّل إلى منبر مباشر لتحريض الاحتلال على الشعب الفلسطيني.
المحتوى التحريضي… بصوت الاحتلال
خطاب عبد العاطي تطور ليصبح نسخة محلية من الدعاية الإسرائيلية. في أحد مقاطع الفيديو التي نشرها، هاجم المقاومة بعنف، متجاهلًا تمامًا الحصار والعدوان الإسرائيلي.
والمقطع نفسه أعادت نشره الصفحة الرسمية للحكومة الإسرائيلية “إسرائيل تتكلم العربية”، في ما يشبه وسامًا من الاحتلال لعبد العاطي، واعترافًا بخدماته في الحرب النفسية التي تشنها إسرائيل على غزة.
ولم تتوقف الحملة عند ذلك. فقد رُصدت صفحة على فيسبوك باسم “من قلب القطاع”، تنشر مقاطع لعبد العاطي وتروّج لها بتمويل مالي، وتستهدف سكان غزة تحديدًا. بيانات الشفافية على الصفحة كشفت أن إدارتها تتم من داخل دولة الاحتلال، ما يؤكد أن خطاب عبد العاطي جزء من عملية دعائية ممنهجة موجهة من الاحتلال مباشرة.
حرب إسرائيلية عبر “وكلاء” ناطقين بالعربية
أنشطة عبد العاطي لا يمكن فصلها عن وحدة 8200 الإسرائيلية، وهي وحدة استخبارات سيبرانية نخبويّة مسؤولة عن التجسس، وتوجيه الدعاية، واختراق الجبهات الداخلية عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل.
تعمل هذه الوحدة على صياغة سيناريوهات موجهة تقوم على دمج الأكاذيب بنصف الحقائق، وترويجها عبر أشخاص محليين يبدون “محايدين” أو “منتقدين من الداخل”، كما هو حال عبد العاطي.
دور هؤلاء لا يقتصر على البث فقط، بل يشمل التفاعل المدروس مع الجمهور، نشر التعليقات، إعادة تدوير الاتهامات، وبناء حملات كاملة لتشويه الرموز الوطنية، وتحويلهم من مقاومين إلى “جناة” بنظر جمهورهم.
الهدف: ضرب الجبهة الداخلية وخلق فراغ إداري
التحريض على الموظفين في غزة، وعلى الجهات الحكومية، ليس معزولًا عن السياق الاستراتيجي للاحتلال. فإسرائيل، بعد فشلها في تدمير البنية التحتية للمقاومة، تسعى إلى إحداث انهيار داخلي عبر تحطيم ثقة الناس بمؤسساتهم.
كما تسعى لتأليب الجمهور على الموظفين والمدنيين الذين يعملون في ظروف قاسية، وصولًا إلى خلق فراغ إداري وأمني يسمح لها بالتدخل المباشر أو فرض مشاريع بديلة تخدم أهدافها في تفتيت غزة سياسيًا واجتماعيًا.
وفي هذا الإطار، يلعب عبد العاطي دورًا مكشوفًا، ليس فقط في التمهيد لهذا الفراغ، بل في منح الاحتلال مبررات “ناعمة” للقول بأن الغزيين أنفسهم يرفضون حكومتهم ومقاومتهم.
الذباب الإلكتروني وأذرع السلطة في خدمة التحريض
لا يعمل عبد العاطي منفردًا، بل يتقاطع نشاطه مع جهاز الذباب الإلكتروني المحسوب على السلطة الفلسطينية وأجهزة الأمن الوقائي.
وتشير التقارير إلى أن أعضاء شبكة أفيخاي، ومنهم عبد العاطي، على ارتباط وثيق بأجندات أمنية داخلية تتقاطع مع الاحتلال، في إطار محاولة تشويه المقاومة لصالح مشاريع تنسيق أمني أو تسويات تُفرض بالقوة على غزة.
وإن تحريض عبد العاطي ليس موقفًا سياسيًا، بل هو اصطفاف واعٍ مع مشروع الاحتلال، ومشاركة فاعلة في حرب تستهدف العقل والكرامة الفلسطينية.