
تواصل مراكز توزيع المساعدات في قطاع غزة التحول إلى مواقع خطرة تُعرض حياة المدنيين للخطر، حيث أكدت الجبهة الداخلية الفلسطينية وقوع مجازر دموية في طوابير انتظار المساعدات، ما أسفر عن سقوط 454 شهيدًا و3466 إصابة منذ بداية العدوان الأخير.
وهذا المشهد المتكرر يعكس فشل الآلية الحالية لتوزيع المساعدات، ويدل على خطورة استمرار هذا النهج الذي يُعتبر بمثابة سياسة قتل بطيء تُمارسها قوات الاحتلال بحق المدنيين الجوعى والمنكوبين.
مراكز المساعدات في غزة
وأكدت الجبهة الداخلية على ضرورة إيجاد طرق آمنة وبديلة لتوزيع المساعدات الإنسانية فورًا، محذرة من استمرار الصمت الدولي إزاء المجازر المتكررة التي تستهدف المدنيين العزل.
وشددت الجبهة على أن المساعدات يجب أن تُشكل طوق نجاة حقيقيًا لا فخًا مميتًا، داعية أهلنا في غزة إلى عدم التوجه إلى مراكز توزيع المساعدات التي تُعتبر فخاخًا للموت، محذرة من التضليل الإعلامي والتنسيقات الميدانية المزعومة التي تُروّج لها جهات مشبوهة.
مؤسسة “غزة الإنسانية”
وفي ظل هذه المأساة، كشفت تقارير إعلامية وتحقيقات مستقلة عن تورط مؤسسة “غزة الإنسانية” (GHF) في تعميق الأزمة الإنسانية، حيث تعمل المؤسسة بتنسيق وثيق مع الاحتلال الإسرائيلي والوكالات الأمريكية، وتتحكم في توزيع المساعدات داخل القطاع بأساليب تسيّس المساعدات وتحويلها إلى أداة للسيطرة العسكرية والاقتصادية.
المؤسسة، التي تأسست كبديل عن نظام الأمم المتحدة، تُدار من قبل أفراد لهم خلفيات أمنية وعسكرية، وتستخدم مواقع توزيع محمية من قبل الاحتلال، والتي تحولت إلى مراكز قنص جماعي واستهداف للمدنيين.
مطالبة بحل مؤسسة غزة ومحاسبة القائمين عليها
وطالبت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بحل مؤسسة غزة الإنسانية ومحاسبة المسؤولين عنها، معتبرة أن المؤسسة تعمل بشراكة مع الاحتلال في تنفيذ مجازر يومية بحق المدنيين، وتستغل المساعدات كأداة حرب لتجويع وإذلال الفلسطينيين، بل وقتلهم أثناء محاولتهم استلام المساعدات.
وأوضحت المنظمة أن التركيز على نقاط توزيع قليلة في الجنوب يُجبر السكان على مشقة التنقل لمسافات طويلة، مما يُعمّق من معاناة المرضى وكبار السن، والذين قد يُحرمون من المساعدات كليًا بسبب عدم قدرتهم على الوصول.
مراكز المساعدات تحولت إلى جبهات موت
ورغم التمويل الأمريكي الكبير المتوقع، تواجه مؤسسة غزة الإنسانية أزمة داخلية حادة، مع استقالات جماعية لكبار الموظفين بسبب الفوضى والازدحام في مراكز التوزيع، ورفض واسع داخل المؤسسة لاستمرار النهج القائم، ما يعكس فشل الإدارة وغياب الشفافية.
كما وصف المتحدث السابق باسم وكالة الأونروا، كريستوفر غانيس، المؤسسة بأنها تُدار من مرتزقة وعسكريين سابقين، وتُستخدم لخدمة أجندات سياسية وأمنية بغطاء إنساني، مما يقوض دور الأمم المتحدة ويعمّق معاناة المدنيين.
وفي ظل هذا الواقع المأساوي، تظل القضية الأبرز هي إيجاد آليات توزيع آمنة وحقيقية للمساعدات الإنسانية بعيدًا عن سيطرة الاحتلال ومؤسساته العميلة، وبعيدًا عن استخدام المساعدات كأدوات حرب.
وإن استمرار الوضع الراهن يعني مزيدًا من المجازر والتدهور الإنساني، ويستلزم تحركًا دوليًا عاجلاً لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات بشكل مستقل وآمن، مع ضرورة مساءلة كل من تورط في تحويل المساعدات إلى فخاخ قاتلة.