تحليلات واراء

مؤمن الناطور: بوق شبكة “أفيخاي” لتشويه المقاومة والتحريض على غزة

تحول المدعو مؤمن الناطور العضو في “شبكة أفيخاي” — نسبةً إلى المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، إلى أداة نشطة في حملة ممنهجة لتشويه المقاومة ومحاولة تقويض الجبهة الداخلية لصالح الرواية الإسرائيلية.

ويقدم الناطور نفسه عبر منصات التواصل كناشط إعلامي أو “محلل سياسي”، لكنه في الواقع جزء من بنية دعائية متكاملة مرتبطة بمشروع اختراق الوعي الفلسطيني.

ظهر الناطور بشكل مكثف بعد حرب مايو 2021، وتزايد حضوره مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد 7 أكتوبر 2023. نشاطه يتمحور حول مهاجمة فصائل المقاومة، وتبني سرديات أمنية تُسوّق لمزاعم الاحتلال، فضلاً عن تشويه البيئة الاجتماعية في غزة وتصويرها كمكان للفوضى والدمار بسبب “حكم المقاومة”، على حد زعمه.

تحريض ممنهج على المقاومة

يتبنّى مؤمن الناطور خطابًا متكررًا ومتسقًا مع الرواية الإسرائيلية التي تُحمّل المقاومة الفلسطينية المسؤولية عن المعاناة في قطاع غزة، متجاهلاً الاحتلال ذاته كجذر للمأساة.

ففي منشورات عديدة، اتهم الناطور المقاومة بـ”الاختباء بين المدنيين”، مكررًا الرواية التي يستخدمها الاحتلال لتبرير المجازر.

كما كتب منشورًا في يناير 2024 قال فيه: “لو تركتم الناس تعيش، لما دُمّرت غزة بهذا الشكل… أنتم السبب.”

وهو بذلك يقدّم الغطاء الأخلاقي لجرائم الحرب الإسرائيلية، محوّلاً الضحية إلى جلّاد، دون أي ذكر للقصف العشوائي أو استهداف البنية التحتية والمخيمات.

وفي منشورات أخرى، ألمح إلى ضرورة “اجتثاث” المقاومة من غزة بأي وسيلة، مستخدمًا لغة ذات طابع أمني صرف، ما يعكس مدى تورطه في خطاب نزع الشرعية عن المقاومة وشيطنتها، في انسجام تام مع اللغة العسكرية الإسرائيلية.

انسجام كامل مع الدعاية الإسرائيلية

اللافت أن الناطور لا يكتفي بانتقاد المقاومة، بل يتبنى مباشرة الروايات الإسرائيلية في ملفات استراتيجية، منها الأسرى، والتمويل الخارجي، وحتى المساعدات الإنسانية.

ففي مارس 2025، نشر تغريدة أعاد فيها نشر بيان لجيش الاحتلال حول وجود “أنفاق تحت المستشفيات”، مرفقًا تعليقًا يقول فيه: “المقاومة تحول المستشفيات إلى مقرات عسكرية، فلتتحمل النتائج.”

وهو خطاب مألوف ضمن البروباغندا العسكرية الإسرائيلية التي تستهدف ضرب الشرعية الإنسانية للمؤسسات المدنية في القطاع.

كما ردد مؤمن الناطور، في أكثر من مناسبة، المزاعم حول استخدام حركة حماس للمساعدات الإنسانية لأغراض عسكرية، مستندًا إلى “تقارير غربية” دون تدقيق، وهو ما يُعد جزءًا من حملة تجفيف الدعم الدولي لغزة، المتماهي مع الأجندة الإسرائيلية.

وفي أبريل 2025، انتقد بشدة جهود وكالة “أونروا”، معتبرًا أنها “تغطي على تجاوزات المقاومة”، متجاهلًا كونها المؤسسة الدولية الرئيسية التي تقدم الإغاثة لمليوني إنسان في ظل الحصار.

ضرب الجبهة الداخلية

يتقن مؤمن الناطور اللعب على التناقضات الاجتماعية والاقتصادية داخل غزة، ويعيد تدويرها بطريقة تُضعف التماسك المجتمعي.

فخلال شهر مايو الماضي، كتب منشورًا يتحدث فيه عن “احتكار فئة محددة للمساعدات”، في محاولة لإثارة السخط الشعبي ضد فصائل المقاومة، ضمن سياسة “فرق تسد” التي تنتهجها دوائر الحرب النفسية.

ولا يقتصر الأمر على التحريض، بل يمتد أحيانًا إلى التهديدات المقنّعة.

ففي فيديو قصير بثه في يونيو 2025، حذّر فيه من أن “من يتستر على المقاتلين، يعرض عائلته للخطر”، في تكرار حرفي لأسلوب الترهيب الذي يستخدمه جيش الاحتلال عبر منشوراته العسكرية.

في خدمة الاحتلال… ضد شعبه

ما يفعله مؤمن الناطور لا يمكن فصله عن عمل استخباراتي دعائي منظم، فخطابه متناغم مع مخرجات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ويستهدف تفكيك الجبهة الداخلية لغزة من الداخل، لا عبر القصف، بل عبر التشويه والتحريض والإيهام بأنّ الاحتلال “أقل شرًا” من المقاومة.

وفي هذا الإطار، يشكل الناطور نموذجًا صارخًا لسياسات الاحتلال التي تعتمد على أدوات ناطقة بالعربية لترويج مواقفها، في محاولة لخداع الرأي العام الفلسطيني والعربي.

وبالإجمال فقد تحوّل مؤمن الناطور إلى لسان ناطق باسم الاحتلال، من خلال نشاطه في شبكة أفيخاي، يؤكد أن الحرب على غزة ليست فقط عسكرية، بل إعلامية ونفسية أيضًا.

دوره يتجاوز النقد المشروع ليصبح أداة اختراق وتفتيت، تهدف إلى ضرب البنية المعنوية للمجتمع الفلسطيني، وخلق شرخ بين المقاومة والناس. وفي ظل هذا الواقع، تبرز الحاجة إلى الوعي الشعبي لمواجهة هذا النمط من “التطبيع الناعم” مع الاحتلال، والذي يرتدي أقنعة محلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى