عصمت منصور وصناعة الرواية الإسرائيلية على لسان فلسطيني
ليس غريبًا أن ينطق عصمت منصور بالمفردات نفسها التي يستخدمها بعض المبررين لهيمنة الاحتلال، فمصطلحات مثل “بدنا نعيش” و”اختيار الحياة” ليست تعبيرًا بريئًا عن حب البقاء، بل نسخة مكررة من الخطاب الذي يسعى الاحتلال لفرضه، حيث تُقاس الحياة وفق مدى القبول بسيادته.
يفرض الاحتلال منذ عقود معادلة مسمومة، من يرفض الخضوع يُوصَف بأنه “يحب الموت”، ومن يقبل الاحتلال يُصوَّر بأنه “يحب الحياة”، وبهذه الطريقة يُعاد تعريف الحياة، بحيث يصبح خيار المقاومة مُوصوفًا بالجنون، بينما الاندماج مع الاحتلال يُقدّم على أنه “التحضر”.
وتكرار هذه العبارات على لسان منصور لا يعكس رأيًا مستقلاً، بل يندرج ضمن خطاب يبرر سيطرة الاحتلال ويصوّر المقاومة على أنها خيار محفوف بالمخاطر.

وتأتي هذه الخطابات في سياق إعادة إنتاج الخطاب الاستعماري الذي يضع الاحتلال في موقع المعلم والموجه، كما صرح سموتريتش حين سخر من العرب بأنهم يفضلون “ركوب الجمال في الصحراء” بدل تعلم “الحضارة” منه.
عصمت منصور
وتحوّل عصمت منصور، الأسير الفلسطيني السابق، إلى نموذج بارز لكيفية استخدام الاحتلال لبعض الأصوات الفلسطينية لتشويه صورة المقاومة والصمود في غزة.
ومنذ خروجه من السجن، لعب منصور دور “المحلل والخبير”، لكنه غالبًا ما يكرر خطاب الاحتلال أو يتوافق معه في نقاط حساسة، خاصة عند الحديث عن المقاومة.
وفي إبريل الماضي، شارك في لقاء جمعه بشخصيات إسرائيلية خلال حرب الإبادة في غزة، بينهم أعضاء كنيست وعائلات جنود قتلى وأسرى لدى المقاومة، وقدم خلاله “تحليلًا للتطورات في الداخل الفلسطيني في سياق القضية الإقليمية”، بحضور صحفي إسرائيلي استعرض اهتمامات الإدارة الأميركية آنذاك.
ويعكس هذا اللقاء مدى التوافق بين خطاب منصور ومصالح الاحتلال، ويبرز كيفية استغلال بعض الأصوات الفلسطينية لتزييف الواقع وتشويه صورة المقاومة.
ويذكر أن امتدح صحفي إسرائيلي خطاب منصور في فترات سابقة، ما يعكس رضى تل أبيب عن توجهاته.
كما هاجم منصور في مناسبات سابقة الشهيد يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحماس سابقًا، واصفًا إياه بـ”عديم الرحمة”، وهو توصيف يتطابق مع حملات التحريض الإسرائيلية، ما يعكس استمرار تبنيه للرواية الإسرائيلية في تحليلاته ومواقفه.




