معالجات اخبارية

الأخوان شحيبر: سماسرة الحصار وسرّاق لقمة الغزيين وسط حرب الإبادة

في خضم المأساة الإنسانية التي يواجهها قطاع غزة تحت القصف والدمار، يبرز وجه آخر من أوجه الجريمة، لا يقل خطورة عن طائرات الاحتلال أو مدافعه. إنه الوجه الداخلي للخيانة، المتمثل في أفراد اختاروا الاصطفاف إلى جانب المحتل، واستثمار آلام الناس وجوعهم لتحقيق مكاسبهم الشخصية.

في مقدمة هؤلاء يطل اسما أدهم نمر شحيبر ومنهل شحيبر، الأخوان اللذان تحوّلا إلى رمز للفساد والتواطؤ مع الاحتلال، وسط حرب الإبادة الإسرائيلية التي تمعن في قتل البشر والحجر في غزة.

من تجارة النقل إلى عصابات النهب

يملك أدهم نمر شحيبر شركة نقل شاحنات تعمل في مجال نقل المساعدات والسلع التجارية في قطاع غزة.

لكن هذه الشركة لم تظل مجرد إطار تجاري مشروع؛ فقد تحولت إلى غطاء لأنشطة إجرامية مكشوفة، تتعلق بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة، بل سرقتها علنًا، بالتعاون مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي وجد فيهما أداتين مثاليتين لتنفيذ حلقات جديدة من خنق غزة وتجويع أهلها.

فمنذ بدء العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع، تكشّف الدور القذر الذي يلعبه الأخوان شحيبر. فقد عمد أدهم إلى استخدام شركته كأداة لاحتجاز شاحنات المساعدات وسرقة حمولاتها، بالتواطؤ مع السائقين وبعض عناصر المافيات المحلية.

الأموال الطائلة التي تدفقت عليهم من هذه العمليات لم تروِ نهمهم، بل دفعتهم إلى توسيع شبكتهم الإجرامية، لتشمل ابن عمهم منهل شحيبر، التاجر الذي دخل شريكًا في هذه العصابة المنظمة، التي لا تتورع عن اقتسام حصص “الغنيمة” على حساب قوت الناس ودوائهم.

أوامر مباشرة من الاحتلال

الأخطر في دور الأخوين شحيبر ليس مجرد السرقة والابتزاز، بل كونهم عملاء مباشرين للاحتلال الإسرائيلي.

فالأدلة تتواتر بأن أدهم شحيبر يتلقى أوامره مباشرة من جهات الاحتلال، وينسّق معها حول كيفية التحكم في مسارات الشاحنات، وتحديد ما يدخل وما يُمنع من دخول القطاع.

إنها حلقة أخرى من حلقات خنق غزة من الداخل، تستخدم فيها دولة الاحتلال أدوات محلية، لضمان بقاء القطاع في حالة فوضى وجوع وانهيار اقتصادي واجتماعي.

منهل شحيبر، بدوره، تورط بشكل مباشر في الاتفاق مع الاحتلال على نهب حمولة الشاحنات التي يُفترض أن تحمل مساعدات غذائية وطبية. وتحول مع ابن عمه أدهم إلى تاجر أزمات، يكدّس الأرباح بينما يعاني أكثر من مليوني إنسان في غزة من الجوع والعطش وفقدان أبسط مقومات الحياة.

خلاف اللصوص لا يبرئهم

المفارقة المضحكة المبكية أن العصابة لم تبقَ متماسكة. إذ نشب خلاف حاد بين أدهم ومنهل شحيبر على تقسيم الغنائم: الدخان المسروق، الأموال، والشاحنات المحجوزة. هذا الخلاف، رغم أنه فضح مزيدًا من تفاصيل جرائمهما، لا يبرئ أحدًا منهما.

فالخلاف ليس على مبدأ السرقة والخيانة، بل على حجم الحصة التي يريد كل طرف الاستحواذ عليها. وكأن تجويع أهل غزة لا يكفي، حتى يقتتل هؤلاء السماسرة على نصيبهم من الدم والدمار!

الأخطر في قصة الأخوين شحيبر هو عملهم على تجنيد شبكات واسعة من المافيات المحلية، التي سهّلت عمليات السطو على الشاحنات، عبر تفاهمات مع سائقي الشاحنات أنفسهم مقابل رشاوى ضخمة.

ويؤكد مراقبون أن كشف الدور الإجرامي للأخوين شحيبر لا ينبغي أن يظل مجرد حديث إعلامي، بل يجب أن يكون مقدمة لمحاسبة صارمة وقانونية. فلا يعقل أن يظل هؤلاء طلقاء، يواصلون الإثراء على حساب دماء أهلهم ومعاناتهم. على المؤسسات الوطنية والفصائل والقوى الأمنية أن تتحرك لوضع حد لهذا النزيف الداخلي الذي يكمل ما بدأه الاحتلال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى