تحليلات واراء

“جسور نيوز” في خدمة الاحتلال: استغلال رخيص لمأساة غزة لتبرئة المجرم

تبرز “جسور نيوز” الإماراتية كجزء رئيسي من ماكينة دعائية إقليمية هدفها الأساسي تشويه صورة المقاومة الفلسطينية وتبرئة الاحتلال الإسرائيلي من جرائمه من خلال استغلال رخيص لمأساة غزة.

وتواصل منصة جسور نيوز منذ شهور بث مقاطع فيديو مفبركة أو مدفوعة الأجر، تُقدَّم على أنها “شهادات إنسانية” من داخل غزة، لكنها في الحقيقة أدوات تحريضية تُعيد إنتاج خطاب الاحتلال.

ومن ذلك ما بثته المنصة مقطع قصير زعمت فيه أنه لنازح فلسطيني يوجّه رسالة لحركة حماس يطالبها فيه بـ”التخلي عن حكم القطاع”، قائلاً: “حلّوا عنا، خلّوا الناس تعيش.”

لكن ما لم تقله “جسور نيوز” أن هذه المقاطع مُنتجة بتمويل ضخم، وأنها تُقتطع من سياقها أو تُفبرك بالكامل لتخدم رواية واحدة: أن المقاومة هي سبب المأساة، بينما الاحتلال، الذي يفرض الحصار ويقصف البيوت والمستشفيات، يختفي من المشهد تماماً.

جسور نيوز ويكيبيديا

يعاني أكثر من مليوني فلسطيني في غزة من إبادة جماعية بطيئة تشمل القصف والتجويع وقطع الكهرباء والدواء. ومع ذلك، تختار “جسور نيوز” التركيز على لقطات مصطنعة تعكس الغضب على فصائل المقاومة، متجاهلة أن الجوع والموت سببهما حصار إسرائيلي خانق مدعوم دولياً.

هذا الأسلوب لا يُقنع أحداً بقدر ما يُعرّي طبيعة المنصة كأداة سياسية تتاجر بالمأساة الإنسانية لأهداف تتقاطع مع مصالح الاحتلال وحلفائه في المنطقة.

وجوهر خطاب “جسور نيوز” لا يتوقف عند مهاجمة المقاومة فحسب، بل يمتد إلى تبرئة الاحتلال. فحين يُقدَّم الغضب الشعبي وكأنه موجّه ضد الفصائل، يُمحى من المشهد الفاعل الأساسي: الطائرات الإسرائيلية التي قصفت، والدبابات التي اجتاحت، والقيود التي حرمت الأطفال من الغذاء والدواء.

إنها محاولة ممنهجة لإقناع الرأي العام العربي والدولي أن مأساة غزة سببها “حماس” وليست الاحتلال الإسرائيلي، وهي الدعاية ذاتها التي يروّج لها أفيخاي أدرعي وأذرعه الإعلامية.

التحريض على المقاومة خدمة للتطبيع

لا يمكن قراءة تحريض “جسور نيوز” بمعزل عن الدور الإماراتي الأوسع في المنطقة. فمنذ سنوات، تعمل أبوظبي على تسويق نفسها كقوة إقليمية “حداثية” متحالفة مع الغرب، وهو ما يفسر ضخ الأموال في إعلام موجَّه ضد حركات المقاومة التي تمثل خطراً على مشاريع التطبيع.

ويؤكد مراقبون أن إنتاج مقاطع مدفوعة من غزة ليس مجرد عمل إعلامي، بل هو جزء من استراتيجية سياسية تهدف إلى إعادة صياغة الرأي العام العربي بحيث يرى في المقاومة عبئاً، وفي الاحتلال طرفاً يمكن التفاهم معه.

لكن رغم كل هذه الجهود، أثبتت التجربة أن وعي الفلسطينيين والعرب عموماً أكثر صلابة من هذه الحملات. فقد قوبلت مقاطع “جسور نيوز” بحالة رفض وسخرية على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها كثيرون مفبركة ومأجورة.

هذا الرفض الشعبي يوضح أن محاولات حرف البوصلة لن تنجح، وأن الشعوب تدرك أن من يقتل ويهجّر ويفرض الحصار هو العدو الحقيقي، وأن المقاومة هي خط الدفاع الوحيد عن كرامة الفلسطينيين.

وعليه فإن ما تقوم به “جسور نيوز” ليس مجرد إعلام منحاز، بل هو تواطؤ مباشر في الحرب النفسية ضد غزة. حين تُفبرك المعاناة وتُحوّل إلى مادة تحريضية، فإن ذلك يعني أن المنصة تتحول إلى شريك سياسي وأخلاقي للاحتلال.

لقد كشفت هذه التجربة أن معركة فلسطين لا تُخاض بالسلاح فقط، بل أيضاً بالكلمة والصورة والمقطع القصير، وأن مواجهة الاحتلال تتطلب فضح هذه الأدوات التي تعمل على ضرب الثقة بين المقاومة وشعبها.

“جسور نيوز” في خدمة الاحتلال: استغلال رخيص لمأساة غزة لتبرئة المجرم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى