هكذا أنهت المقاومة الفلسطينية وحلفائها صورة “إسرائيل” القوية والمستقلة
على مدار عام من صراع الاستنزاف والقتال على عدة جبهات، أنهت المقاومة الفلسطينية وحلفائها صورة دولة الاحتلال الإسرائيلي القوية والمستقلة وأوهام تل أبيب بأنها باتت سيدة الشرق الأوسط.
فمع اشتعال التصعيد في لبنان وغزة وسوريا والعراق والبحر الأحمر وإيران، فإن الكثير من الافتراضات الإسرائيلية الأمريكية حول ما وصلت إليه تل أبيب من مكانة قوية في الشرق الأوسط تلاشت.
في قلب هذا الواقع الجديد هو الاعتراف بأن دولة الاحتلال التي طالما كانت تروج باعتزازها باستقلالها، لكنها الآن غارقة في صراعات متعددة، أصبحت تعتمد بشكل متزايد على الجيش الأمريكي.
الحماية الأمريكية لإسرائيل
في مواجهة ضربات محور المقاومة، اعتمدت دولة الاحتلال بشكل كلي على إمدادات الذخائر الأمريكية والأوروبية.
ولجأت دولة الاحتلال إلى المساعدة الأمريكية في إسقاط الصواريخ والطائرات بدون طيار المعادية، وكذلك نشر القوات البحرية والجوية الأمريكية بسرعة لردع الهجمات الإيرانية الكبيرة.
واضطرت الولايات المتحدة لتعديل أولوياتها الاستراتيجية للتكيف مع الوضع.
ففي محاولة لتأمين الردع الإسرائيلي، قامت وزارة الدفاع الأمريكية بنشر مجموعتين من حاملات الطائرات في المنطقة لمعظم السنة.
وفي مرتين، كان عليها تحويل حاملة طائرات من المحيط الهادئ، تاركة المنطقة الآسيوية دون حاملات طائرات لأسابيع.
ويؤكد ذلك أن هجوم “طوفان الأقصى” الذي نفذته المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023 ضد دولة الاحتلال قلب استراتيجية واشنطن العسكرية العالمية رأسا على عقب.
إذ أن الخطة الأمريكية كانت تتمثل في تقليص الوجود العسكري في المنطقة إلى مجموعة صغيرة من السفن، وعدد قليل من أسراب القوات الجوية، وعدة آلاف من الجنود في العراق وسوريا. ولم يكن من المقرر وجود مجموعات حاملة الطائرات بانتظام في المنطقة.
ضرب التطبيع في مقتل
ولتعزيز القدرات الأمريكية، كانت وزارة الدفاع الأمريكية تعتمد على الطائرات البحرية والجوية المسيرة لجمع المعلومات الاستخبارية، وتعتمد على التعاون الأمني المتنامي بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والدول العربية. وإذا بدا أن الأمور تخرج عن السيطرة، كان لدى البنتاغون إمكانية إعادة نشر القوات مؤقتًا في المنطقة.
وقد كانت هذه الخطة تعكس الأولوية المتزايدة التي منحتها إدارتا ترامب وبايدن لردع الصين وروسيا في السنوات القادمة. ولكن هذه الخطة اصطدمت بتصاعد العنف في الشرق الأوسط الذي بدأ في السابع من أكتوبر من العام الماضي.
وقبل هجوم طوفان الأقصى، لم تكن الولايات المتحدة تخطط للاحتفاظ بحاملة طائرات في الشرق الأوسط بصفة منتظمة.
ومع أن البنتاغون يأمل في تجنب المزيد من التصعيد، إلا أن بعض الخبراء العسكريين يرون أن دورًا عسكريًا أمريكيًا كبيرًا سيكون ضروريًا في المنطقة لسنوات قادمة.
وقال الجنرال المتقاعد فرانك ماكنزي، الرئيس السابق للقيادة المركزية الأمريكية: “كنا نحاول تطويع الأحداث في المسرح ليتماشى مع تصوراتنا الذهنية. نحن بحاجة إلى الاعتراف بأنه إذا أردنا التأثير على الأحداث في المسرح فسيتعين علينا نشر قوات في المنطقة”.
وقد اتخذت واشنطن خطوات غير مسبوقة لدعم دولة الاحتلال الإسرائيلي من قبل.
ففي حرب عام 1973، أمر الرئيس ريتشارد نيكسون وزارة الدفاع بتنفيذ عملية “نيكل غراس”، وهي أكبر عملية إمداد جوي بالأسلحة والمؤن منذ جسر برلين الجوي.
ولكن التهديد المتزايد والمواجهة المطولة بين دولة الاحتلال وجبهات محور المقاومة في لبنان والعراق وغزة واليمن قد جمعت لتشكل تحديًا جديدًا لواشنطن.
إن الصواريخ الباليستية السريعة والطائرات المسيرة المراوغة التي تستخدمها إيران وجبهات محور المقاومة في المنطقة تتيح وقتًا محدودًا للرد وهي أكثر تطورًا من المخاطر التي واجهتها الولايات المتحدة ودولة الاحتلال منذ عقود.
استمرت هذه الصراعات المفتوحة لفترات أطول من الحروب التي خاضتها (إسرائيل) في الماضي، مما استنزف مواردها.
ولم يكن هذا الوضع في الشرق الأوسط الذي توقعه البنتاغون عندما تولت إدارة بايدن السلطة. ففي الأشهر الأولى من الحرب، تمسكت الولايات المتحدة بالخطة التي كانت تهدف إلى زيادة القوات البحرية والجوية للحيلولة دون اندلاع حرب أوسع.
ولكن الالتزامات تراكمت، مما حول ما كان يأمل البنتاغون في أن يكون أزمة قصيرة الأجل إلى وجود عسكري ممتد مع تطورات تبقى مفتوحة على جميع الخيارات.
نقلا عن صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية