
في واحدة من أبشع جرائم الحرب التي تُرتكب علنًا في قطاع غزة، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم الثلاثاء، مجزرة دموية استهدفت مئات المدنيين العزل خلال انتظارهم المساعدات الإغاثية على دوار التحلية في محافظة خان يونس جنوبي القطاع.
وبحسب وزارة الصحة في غزة، فإن حصيلة الشهداء الأولية تجاوزت 45 شهيدًا، فيما وصل مئات الجرحى إلى مجمع ناصر الطبي، من بينهم عشرات في حالات حرجة جدًا، وسط أوضاع صحية كارثية ونقص حاد في الأدوية واللوازم الطبية المنقذة للحياة.
استهداف الجائعين في غزة
وأعلنت وزارة الصحة أن أقسام الطوارئ والعناية المركزة في المستشفيات، وخاصة مجمع ناصر الطبي، تشهد اكتظاظًا غير مسبوق نتيجة الأعداد الكبيرة من الإصابات، مما يهدد بفقدان السيطرة الكاملة على الوضع الصحي في الجنوب.
وأطلقت الوزارة نداءً عاجلًا إلى المجتمع الدولي وكافة الجهات المعنية لتوفير الإمدادات الطبية العاجلة وتعزيز قدرات المستشفيات الميدانية التي تواجه انهيارًا وشيكًا.
ويتزامن هذا الهجوم مع تحذيرات سابقة أطلقها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، والذي اتهم ما تُعرف بـ”مؤسسة غزة الإنسانية” بالتنسيق مع جيش الاحتلال في إنشاء مناطق مكشوفة لجمع المدنيين بحجة توزيع المساعدات، قبل أن يتم استهدافهم مباشرة بالصواريخ والرصاص الحي.
وأشار المرصد إلى أن هذه الآلية أدت إلى مقتل أكثر من 335 مدنيًا خلال ثلاثة أسابيع فقط، محذرًا من أن استمرار العمل بهذه الطريقة يُحوّل المدنيين إلى أهداف مكشوفة ومباشرة لنيران الاحتلال.
“مصائد الموت”
وطالب المرصد الأوروبي بفتح تحقيق دولي عاجل ومستقل ومساءلة الأفراد القائمين على تلك المؤسسة، مؤكدًا أنها متورطة في جريمة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها المدنيون في قطاع غزة منذ أكثر من 20 شهرًا.
كما شدد على أن صمت المجتمع الدولي يُعد تواطؤًا قانونيًا وأخلاقيًا، داعيًا إلى فرض عقوبات فورية على إسرائيل ووقف تصدير السلاح لها، بالإضافة إلى تجميد الأصول المالية للمسؤولين المتورطين في تلك المجازر.
ومنذ اليوم الأول لاعتماد آلية الاحتلال في توزيع المساعدات، تحوّلت هذه النقاط إلى مصائد موت حقيقية. لم تكن يومًا ممرات إنسانية، بل ساحات قنص مفتوحة، تُستدرج إليها الحشود الجائعة تحت وقع الحاجة، ثم تُستهدف بدم بارد.
ففي كل مرة يتوجه فيها الأهالي إلى مواقع توزيع المساعدات، تعود منهم عشرات الجثامين ومئات الجرحى، في مشهد تراجيدي متكرر، لكنه يفتك بالمزيد من الأرواح كل يوم. كأنّ الجوع نفسه قد أصبح فخًا منصوبًا بدقة لقتل من تبقى.
والمجزرة التي وقعت في خان يونس ليست مجرد “حادث عرضي”، بل حلقة جديدة في سلسلة ممنهجة من جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين الجوعى في غزة.
ومع تنامي الأدلة حول ضلوع جهات “إنسانية” في استدراج الناس إلى مناطق القتل، تزداد الحاجة إلى تحرك قانوني وأخلاقي عاجل لكبح جماح الاحتلال ومحاسبة المتواطئين.