معالجات اخبارية
أخر الأخبار

عمار دار موسى.. ضحية صراع النفوذ بين زكريا مصلح وحسين الشيخ

لم يكن العقيد عمار دار موسى مجرد ضابط فلسطيني آخر ضمن أجهزة الأمن، بل كان شاهدًا على تحولات عميقة عاشتها البنية الأمنية في الضفة الغربية لعقود، قبل أن ينتهي به المطاف ضحية لصراع على النفوذ داخل جهاز الاستخبارات العامة.

ووفاته داخل مقر الجهاز في رام الله، بعد اعتقال قاسٍ استمر 34 يومًا، كشفت عن تصدعات عميقة بين أجنحة السلطة، وطرحت قضية لم يعد ممكنًا إخفاؤها.

عمار دار موسى ضحية صراع النفوذ

وبعد تسلّم اللواء محمد الخطيب قيادة جهاز الاستخبارات، بدعم مباشر من حسين الشيخ، انطلقت حملة داخلية شملت تفكيك شبكة الضباط المقرّبين من سلفه زكريا مصلح.

وهذه الحملة لم تكن شكلية، بل شملت اعتقالات وتحقيقات وصفت بالعنيفة، ومن بين المستهدفين كان العقيد دار موسى، الذي سبق أن نُقل من الأمن الوقائي إلى الاستخبارات بطلب من مصلح شخصيًا.

وبحسب مصادر مطلعة، كان دار موسى مدركًا أنه ضمن قائمة المطلوبين داخل الجهاز، وصرّح لمقربين منه أن المرحلة المقبلة ستشهد تغييرًا في الوجوه، وتصفية الحسابات القديمة.

ورغم محاولاته للعودة إلى جهاز الأمن الوقائي مع تغير القيادة، بقي تحت الرقابة، حتى وصلت إليه القوة الأمنية.

استدعاء غير رسمي

واقتحمت قوة من جهاز الاستخبارات منزل العقيد في رام الله، صادرت مبالغ مالية وسلاحًا مرخصًا ومصاغًا ذهبيًا، وأبلغته بالحضور في اليوم التالي إلى المقر، دون مذكرة اعتقال واضحة، وحضر برفقة شقيقه الضابط ضياء، ليبدأ من هناك فصل جديد من الانهيار.

وطوال فترة احتجازه، خضع دار موسى لتحقيقات شديدة العنف، رافقها حرمان تام من العلاج رغم إصابته بالسكري، وتهديدات مباشرة، بل وابتزاز جسدي، تمثل بطلب من المحققين له ولشقيقه تقبيل أقدامهم مقابل العلاج، في مشهد تم توثيقه بهواتف عناصر الجهاز أنفسهم، بحسب ما أكدته المصادر.

ورغم صدور قرارين قضائيين بالإفراج عنه، لم تُنفذ، وأُبلغت العائلة أن تنفيذ القرار مرهون بموافقة من مكتب الرئيس أو حسين الشيخ. وفي المقابل، لم تتدخل محافظة رام الله، والتزمت قيادة حركة فتح الصمت التام تجاه القضية.

تأخر مقصود في النقل الطبي

وأصيب دار موسى بجلطة دماغية خلال احتجازه، أدت إلى فقدان وعيه بالكامل، ولم يُنقل إلى المستشفى إلا بعد تدهور حالته بشكل كامل.

وبالتزامن، أُفرج عن شقيقه ضياء، دون توضيح، بينما واجهت العائلة عراقيل جديدة تمثلت برفض المستشفى الاستشاري تسليمهم تقريرًا طبيًا عن حالته، ما أكد قناعتهم بأن القرار بتصفيته كان متابعًا حتى اللحظة الأخيرة.

وعند التوجه لتشريح الجثمان، انسحب طبيبان شرعيان كان من المفترض أن يشاركا في العملية، دون توضيح الأسباب.

وأصرّت العائلة على إشراك طبيب مستقل، وتم لها ذلك رغم الضغوط، ليبقى ملف الوفاة مفتوحًا أمام مزيد من التساؤلات القانونية والأخلاقية.

وفي مراسم التشييع، كان من المفترض أن يلقي ممثل عن حركة فتح كلمة تأبين باسم الإقليم، لكن غيابه المفاجئ ترك أثرًا سلبيًا كبيرًا لدى العائلة.

الرجل الذي قضى أكثر من ثلاثة عقود في خدمة الأجهزة، وتوسط في قضايا وطنية عديدة، غُيّب عنه التكريم السياسي، حتى في لحظة الوداع.

وحملت عائلة دار موسى جهاز الاستخبارات المسؤولية الكاملة عن وفاة ابنها، ووصفت ما جرى بأنه “جريمة مكتملة الأركان”، بدأت بالتنكيل وانتهت بالإهمال الطبي والقتل البطيء.

وأكدت العائلة امتلاكها أسماء المحققين الذين تورطوا في التعذيب، وأعلنت نيتها التحرك على المسارات العشائرية والقانونية، بما في ذلك التوجه إلى هيئات حقوقية دولية إذا لزم الأمر.

رواية السلطة

والرواية الرسمية التي نشرتها وكالة “وفا” وصفت العقيد بأنه “أحد ضباط الأمن الوقائي”، مشيرة إلى أنه توفي أثناء تلقيه العلاج، دون ذكر ظروف اعتقاله.

أما اللواء أنور رجب، الناطق باسم المؤسسة الأمنية، فأكد أن الرعاية الصحية لم تنقطع عنه خلال التوقيف، وأنه نُقل إلى المستشفى أكثر من مرة، في محاولة لاحتواء الغضب المتصاعد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى