الإعلام في غزة بين إجلاء الاحتلال وسياسة إقصاء النقابة

في ظل تصاعد الحصار والتضييق على الإعلام في قطاع غزة، بدأت مؤسسات إعلامية دولية بسحب طواقمها من المنطقة، بتسهيلات غير معلنة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وتأتي هذه الخطوة في إطار سياسة ممنهجة تهدف إلى تقييد التغطية الإعلامية للكارثة الإنسانية المتفاقمة في القطاع.
وجاء هذا الانسحاب بعد تصاعد الضغط الدولي إثر نشر صور المجاعة التي كشفت حجم الأزمة الإنسانية الحادة، وسط محاولات الاحتلال المستمرة للحد من وصول المعلومة الحقيقية إلى العالم.
نقابة الصحفيين وسياسة الإقصاء
وفي ظل هذه التطورات الدولية التي تُضيّق الخناق على التغطية الإعلامية، يواجه الصحفيون في غزة أيضًا تحديات داخلية لا تقل خطورة، تتمثل في سياسات التمييز والإقصاء التي تمارسها نقابة الصحفيين الفلسطينيين.
فقد برز تمييز واضح في توزيع المساعدات المالية، نتيجة سيطرة النقابة التي تخضع لتأثيرات السلطة الفلسطينية، ما أدى إلى استبعاد عدد كبير من الصحفيين بسبب انتماءاتهم السياسية، وفق شهادات ميدانية، وهو ما أثار استياء واسعًا في الأوساط الإعلامية.
النقابة، التي يُفترض أن تدعم جميع الصحفيين في أوقات الأزمات، تنخرط بدلاً من ذلك في سياسة إقصائية تحرم المستبعدين من الدعم اللازم في ظل ظروف الحرب القاسية.
تحديات مضاعفة تواجه الإعلام
وهذا التزامن بين انسحاب المؤسسات الدولية تحت تأثير الاحتلال، والتمييز الداخلي من قبل النقابة، يضع الصحفي الفلسطيني في غزة في موقف هش، بلا حماية دولية أو دعم محلي.
وتحت وطأة استهداف البنية التحتية الإعلامية ومقتل مئات الصحفيين منذ بدء الحرب على غزة، يزداد غياب الدعم المؤسسي والغطاء النقابي خطرًا على حرية التغطية وبقاء المهنة.
وفي ظل هذه الظروف، لم تقتصر الضغوط على الاستهداف المباشر للقصف، بل شملت تسهيل الاحتلال لإجلاء مؤسسات إعلامية دولية عن غزة، في خطوة واضحة تستهدف تقييد حرية الإعلام المحلي وتركه في عزلة متزايدة.
وهذا الانسحاب الممنهج يترك الإعلام الفلسطيني المحلي في مواجهة تحديات جسيمة، خصوصًا مع تزايد الإقصاء والتمييز داخليًا، مما يعزز حالة القمع والتعتيم على الحقيقة.
وفي الواقع، يعاني العديد من الصحفيين في غزة من صعوبة في الحصول على الحماية والدعم، خاصة بسبب سياسات الإقصاء التي تنتهجها نقابة الصحفيين التابعة للسلطة، والتي تحرم من لا يتوافقون مع توجهاتها من حقهم في الدعم والحماية.
ومع تفاقم هذه الظروف، لم تعد المخاطر مقتصرة على القصف المباشر، بل تشمل أيضًا التهميش، والتجويع، والإقصاء، في محاولة لإسكات الصوت الحر وتفريغ المشهد الإعلامي من كل من ينقل الحقيقة كما هي، بعيدًا عن التزييف والتضليل.