
في واحدة من أبشع حلقات الاستهداف الممنهج للفلسطينيين في قطاع غزة، تكشفت خيوط جريمة مزدوجة تورّط فيها أفراد من عائلة أبو سمرة، أسفرت عن استشهاد 18 فلسطينياً، بينهم 17 من أفراد وحدة “سهم” التابعة للشرطة الفلسطينية، خلال قيامهم بواجبهم الإنساني في تنظيم سوق المساعدات بمدينة دير البلح، وسط القطاع.
خيانة من الداخل والاحتلال يترصّد
بينما كان أفراد الشرطة يعملون على حماية الأهالي من الفوضى وتسهيل توزيع المساعدات الإنسانية، تعرضوا لقصف بطائرة إسرائيلية مسيّرة، في مشهد دموي وصفته وزارة الداخلية في غزة بـ”المجزرة المتعمّدة”.
لكن المفاجأة الصادمة التي تسرّبت من مصادر أمنية محلية، تؤكد أن القصف جاء بالتزامن مع مطاردة الشرطة لمجموعة لصوص تورّطت في الاعتداء على المواطنين وسرقة المساعدات، يقودهم أفراد معروفون من عائلة أبو سمرة.
عصابة محلية تفتح الباب أمام مجزرة إسرائيلية
وبحسب الشهادات الأولية ومصادر أمنية محلية، فإن عناصر من الشرطة كانوا يلاحقون مجموعة متورطة في الاعتداء على المواطنين وسرقة المساعدات في محيط سوق دير البلح، قبل دقائق من تعرّضهم للقصف الإسرائيلي. وتشير التقديرات إلى أن طائرات الاحتلال قد تكون استغلت حالة الفوضى لاستهداف القوة الأمنية في المكان.
وبحسب بيان وزارة الداخلية:”الاحتلال قصف عناصر من الشرطة والأمن أثناء ملاحقة عدد من اللصوص حاولوا الاعتداء على ممتلكات الأهالي… ما أدى لاستشهاد وجرح عدد كبير من الضباط والعناصر والأهالي”.
“سهم” في قلب الاستهداف
قوة “سهم” الشرطية، التي تم تشكيلها خصيصاً لضبط الأسواق وتأمين تدفّق المساعدات والمواد الإغاثية، أصبحت خلال الأسابيع الأخيرة شوكة في حلق لصوص الأزمات والمتعاونين مع الاحتلال، وهو ما يفسر تصاعد الاستهداف الإسرائيلي الممنهج لها.
وأكدت الوزارة أن هذه الجريمة “تهدف لنشر الفوضى وزعزعة الاستقرار الداخلي في القطاع، وثني الشرطة عن ملاحقة العصابات المسلحة التي تعمل تحت إمرة الاحتلال”.
الاحتلال ينسق مع العصابات لنهب المساعدات
وفي تعليق لافت، قالت حركة حماس إن الجريمة هي استمرار لـ”نهج التصفية والتجويع”، محذّرة من أن الاحتلال يستخدم عصابات محلية ومرتزقة في الداخل الفلسطيني كأذرع له لسرقة المساعدات وخلق الفوضى.
وأضافت الحركة:”نؤكد أن محاولات الاحتلال الخبيثة لإشاعة الفوضى من خلال تنشيط اللصوص والعصابات المسلحة لن تفلح، وستسقط أمام وعي شعبنا وعشائره الأصيلة”.
ويأتي هذا الهجوم وسط تصعيد دموي إسرائيلي، حيث ارتفعت حصيلة الشهداء في غزة إلى 56,259 شهيداً، أغلبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى 132,458 جريحاً، منذ بدء العدوان في أكتوبر الماضي.
وخلال الساعات الـ24 الأخيرة فقط، استشهد 103 فلسطينيين وجُرح 219، فيما لا تزال جثث تحت الأنقاض تنتظر جهود الإنقاذ المستحيلة.
وما جرى في دير البلح لا يقتصر على قصف جوي، بل يشير إلى تداخل محتمل بين الفوضى الأمنية في السوق المحلي والاستهداف الإسرائيلي المباشر لعناصر الشرطة.
وتشير مصادر أمنية إلى احتمال ضلوع أفراد من عائلة أبو سمرة في أحداث الفوضى التي سبقت القصف، وهو ما يجري التحقق منه من قبل الجهات المختصة.
وأكدت وزارة الداخلية في غزة أنها ستواصل ملاحقة كل من يثبت تورطه في زعزعة الأمن الداخلي أو التنسيق مع الاحتلال، مشددة على أن إجراءاتها تهدف إلى حماية الجبهة الداخلية والحفاظ على السلم الأهلي.