تحليلات واراء

محمد أبو طه.. ذراع مخابرات السلطة في مصر ضمن شبكة “أفيخاي”

في سياق الحرب الإعلامية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي وأدواتها ضد فصائل المقاومة الفلسطينية، يبرز اسم محمد أبو طه – ضابط مخابرات تابع للسلطة الفلسطينية – كأحد الأذرع النشطة في شبكة التحريض المعروفة باسم شبكة “أفيخاي”، نسبة إلى أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم جيش الاحتلال.

ينحدر أبو طه من مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، ويقيم حاليًا في مدينة 6 أكتوبر في مصر، حيث يدير نشاطه التحريضي من خلف الكواليس، متخفّيًا في منصات التواصل الاجتماعي تحت اسم مستعار هو “محمد أبو فراس”.

ذراع استخباري ضد المقاومة

تؤكد مصادر مطلعة أن أبو طه يشغل موقعًا حساسًا في جهاز المخابرات التابع للسلطة الفلسطينية، ما يفسر انخراطه المباشر في أنشطة تستهدف تشويه المقاومة الفلسطينية وضرب الجبهة الداخلية.

ويتخذ أبو طه من الفضاء الإلكتروني ساحة أساسية لهجماته، إذ يعتمد على منشورات مُنسقة وموجهة تتماشى مع الخطاب الإسرائيلي، وتعيد إنتاج السردية التي يسعى الاحتلال لتكريسها، خصوصًا تلك التي تحمّل المقاومة مسؤولية الأوضاع الإنسانية الكارثية في غزة، متجاهلاً الحصار والجرائم الإسرائيلية.

التحريض على الصحفيين واستهداف الرموز

من بين أخطر ما نُسب لأبو طه، قيامه بالتحريض العلني على الصحفي الفلسطيني أنس الشريف، أحد أبرز المراسلين الميدانيين في غزة، والذي استشهد لاحقًا في قصف إسرائيلي.

فقد كتب أبو طه قبل استشهاد الشريف بفترة قصيرة منشورات يتهمه فيها بـ“الاتجار بأطفال غزة”، في اتهام خطير ينسجم مع سياسة الاحتلال في تجريم العمل الصحفي المقاوم، وتهيئة الرأي العام لتبرير استهداف الصحفيين ميدانيًا.

هذا النمط من التحريض الفردي على شخصيات بعينها يعد جزءًا من استراتيجية التصفية المعنوية والميدانية، التي تبدأ بتشويه السمعة وتنتهي بالقصف أو الاغتيال.

شبكة “أفيخاي”

شبكة “أفيخاي” ليست كيانًا علنيًا، لكنها توصيف لدوائر إلكترونية وإعلامية تتبنى الخطاب الإسرائيلي المباشر أو المموه، عبر شخصيات فلسطينية أو عربية تعمل على تسويق الدعاية الإسرائيلية بلهجة محلية لإكسابها المصداقية أمام الجمهور المستهدف.

دور أبو طه في هذه المنظومة يتجاوز مجرد مشاركة المحتوى، فهو – بحسب تتبع منشوراته – يشارك في صياغة رسائل تحريضية، ويعيد نشر تقارير إسرائيلية أو متوافقة مع رواية الاحتلال، مع إضافة تعليقاته الخاصة التي تزيد حدة الانقسام الداخلي الفلسطيني.

استهداف الجبهة الداخلية

يركز نشاط أبو طه على محاولة كسر الالتفاف الشعبي حول المقاومة في غزة، من خلال بث الشائعات حول فصائلها، والتشكيك في دوافعها، واتهامها بالفساد أو استغلال معاناة المدنيين.

يعتمد في ذلك على أخبار مجتزأة أو تقارير إعلامية صادرة عن منصات مشبوهة، ثم يعيد صياغتها بما يخدم هدفه الأساسي: زرع الشكوك وإضعاف المعنويات.

هذا النهج ينسجم تمامًا مع أسلوب الحرب النفسية الإسرائيلية، التي تعتبر تفكيك الروح المعنوية للخصم أحد أهدافها المركزية.

الغطاء الشخصي والهوية المموهة

اختيار أبو طه لاسم مستعار “محمد أبو فراس” على مواقع التواصل الاجتماعي يهدف إلى التغطية على هويته الحقيقية وإبعاد الشبهة عنه، خصوصًا في ظل حساسية موقعه الأمني.

لكن تتبع نشاطاته ومصادره الإعلامية، إضافة إلى التشابه بين أسلوبه وخطاب منصات تابعة للاحتلال، يكشف سريعًا عن صلة عضوية بينه وبين دوائر التحريض الإسرائيلية والفلسطينية الموالية لها.

ووجود أبو طه في مصر يتيح له مساحة أوسع للتحرك الإعلامي دون التعرض المباشر لرقابة الاحتلال أو ضغط الرأي العام في الأراضي الفلسطينية.

كما يوفّر له موقعه الجغرافي القدرة على التواصل مع أطراف إقليمية، ونقل رسائل سياسية وإعلامية تخدم خط السلطة في رام الله، المتماهية في كثير من الملفات الأمنية مع متطلبات الاحتلال، خاصة فيما يتعلق بمحاربة المقاومة في غزة.

انعكاسات التحريض على الأرض

التحريض الممنهج من شخصيات مثل أبو طه يخلق بيئة خطرة على سلامة النشطاء والصحفيين، إذ يتحول خطاب التشويه إلى غطاء معنوي لتصفية المستهدفين جسديًا.

استهداف الصحفي أنس الشريف مثال صارخ على ذلك: حملة تشويه على مواقع التواصل أعقبتها عملية اغتيال ميدانية، في مشهد يتكرر مع آخرين داخل غزة والضفة الغربية.

وعليه فإن محمد أبو طه ليس مجرد ناشط على مواقع التواصل الاجتماعي، بل هو أداة استخباراتية في إطار تحالف غير معلن بين أجهزة أمنية فلسطينية وجهات دعائية إسرائيلية، هدفه الأساسي إضعاف المقاومة الفلسطينية من الداخل عبر التشويه والتحريض.

وتكشف أنشطته عن تداخل خطير بين الأذرع الإعلامية والاستخباراتية، وعن دور بعض العناصر الفلسطينية في تنفيذ سياسات الاحتلال بواجهة محلية.

في ظل هذه المعطيات، فإن استمرار نشاط أبو طه وأمثاله يشكل تهديدًا مباشرًا لسلامة الصحفيين والمقاومين، ولتماسك الجبهة الداخلية الفلسطينية، ما يستدعي تعرية هذا الدور وكشفه للرأي العام، كجزء من معركة الوعي التي لا تقل خطورة عن المعركة الميدانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى