
في وقتٍ يعيش فيه قطاع غزة أسوأ مجاعة عرفها الفلسطينيون في العصر الحديث، وبينما يموت الأطفال جوعاً على أبواب شاحنات الإغاثة، قررت الحكومة الأردنية المُضي قدماً في تنظيم مهرجان جرش 2025 ومهرجان الطعام، متجاهلةً موجة الغضب الشعبي الواسعة التي طالبت بتأجيل أو إلغاء هذه الفعاليات احتراماً لما يعيشه الفلسطينيون في غزة من مآسٍ.
دعوات لمقاطعة مهرجان جرش
واجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن وسم #غزة_تموت_جوعاً إلى جانب وسوم مثل #إلغاء_مهرجان_الطعام و#مقاطعة_مهرجان_جرش، وسط تأكيدات من نشطاء ومواطنين أن إقامة مثل هذه الفعاليات في هذا التوقيت “انفصال أخلاقي عن الواقع” و”طعنة في ضمير الأمة”.
واعتبر كثيرون أن الموقف الأخلاقي والوطني الحقيقي يتمثّل في التضامن مع غزة، لا في إقامة الحفلات والمهرجانات.
وفي عمّان وإربد، خرجت مسيرات شعبية تطالب بوقف هذه الفعاليات، ورفع المحتجون شعارات تطالب بـفك الحصار عن غزة وتندد بسياسات التجويع، في مشهد أعاد التذكير بأن الشارع الأردني لا يزال ينبض بالقضية الفلسطينية، رغم محاولات التعتيم الإعلامي وتشويه الوعي.
الحكومة تُبرر مهرجان جرش
ودافع رئيس الوزراء الأردني جعفر حسان عن إقامة مهرجان جرش قائلاً إنه “يدعم اقتصاد محافظة جرش وقطاع السياحة في الأردن”، في محاولة لإضفاء طابع اقتصادي على المهرجان، إلا أن هذه التصريحات لقيت سخطاً واسعاً بين الأردنيين، حيث اعتُبرت تبريرات “واهية” تحاول تبرير الاحتفال فوق جراح غزة.
وقال ناشطون إن “الحديث عن دعم الاقتصاد أو المشاريع الصغيرة لا يُبرّر أبداً إقامة فعاليات احتفالية وسط كارثة إنسانية كبرى في قطاع غزة”، حيث يُحرم الناس من الطعام والماء، وتُسجل حالات وفاة بالجوع من الأطفال والنساء أمام عدسات الكاميرا.
إعلام موجه وحملات تغبيش
وعلى المستوى الدولي، قالت أكثر من مئة منظمة غير حكومية، من بينها أطباء بلا حدود ومنظمة العفو الدولية وأوكسفام، إن “غزة تواجه مجاعة جماعية”، مشيرةً إلى أن العاملين لديها باتوا عاجزين عن إيصال المساعدات وسط الحصار الإسرائيلي المشدد.
ودعت هذه المنظمات إلى وقف فوري لإطلاق النار وفتح جميع المعابر البرية لتدفق المساعدات الإنسانية.
ومن جهة أخرى، وجّه ناشطون انتقادات لاذعة للإعلام الرسمي الأردني، متهمينه بمحاولة تلميع مهرجان جرش وتسويقه كفعالية ثقافية واقتصادية، في تجاهل صارخ للمأساة الإنسانية في غزة.
واعتبروا ذلك “تغبيشاً متعمداً للوعي العام” و”محاولة ممنهجة لحرف الأنظار عن الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين تحت الحصار والمجاعة”.
وأكدوا أن الصوت الشعبي هو الأقرب للعدالة والضمير الإنساني، في حين يتورط الإعلام والنظام الرسمي بمحاولات تطبيع اللامبالاة وقمع التضامن الشعبي.