معالجات اخبارية

غزة تباد بينما رموز السلطة ومرتزقتها غارقون في حياة الرفاهية واللامبالاة

في وقت تتواصل حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة منذ أكثر من 22 شهرا، يظهر رموز السلطة الفلسطينية ومرتزقتها غارقون في حياة الرفاهية واللامبالاة وكأنهم في عالم موازٍ منفصل تماماً عن المأساة التي يواجهها شعبهم.

ورغم جسامة المأساة في غزة، تواصل هذه الشخصيات حياتها وأنشطتها اليومية وكأن شيئاً لم يكن، في مشاهد أثارت استياءً شعبياً واسعاً، وفتحت الباب أمام موجة من الانتقادات الحادة على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الأوساط الشعبية الفلسطينية والعربية.

مطعم السفير يتحوّل إلى ملهى ليلي

أحدث الأمثلة الصارخة، ما تسرّب أخيراً عن مطعم يملكه حسام زملط، السفير الفلسطيني في بريطانيا.

فقد تحوّل المطعم، بحسب مقاطع مصورة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى ما يشبه الملهى الليلي، حيث الموسيقى الصاخبة والرقص والمشروبات، في مشهد اعتبره كثيرون استفزازياً، خصوصاً أنه يحدث بينما غزة تحترق وتشيع شهداءها بالعشرات يومياً.

ورغم محاولة مقربين من زملط تبرير الأمر بأن المطعم “مشروع تجاري شخصي” وأنه لا يتعارض مع مهامه الدبلوماسية، فإن الغضب الشعبي لم يهدأ.

إذ اعتبر ناشطون أن ما جرى يعكس استخفافاً بمشاعر الشعب الفلسطيني، خصوصاً أن السفير يُفترض به أن يكون صوت شعبه في الخارج، وأن يتحلى بمسؤولية أخلاقية مضاعفة في هذه اللحظات العصيبة.

لا سيما أن ذلك يأتي في وقت عواصم أوروبا الكبرى، من لندن وباريس إلى برلين وأمستردام، لا تهدأ منذ أسابيع. فمئات الآلاف ينزلون إلى الشوارع هاتفين لغزة، رافعين شعارات تندد بحرب الإبادة، مطالبين بوقف المجازر ومعاقبة المسؤولين عنها.

أحمد الطيبي: “الحياة ماشية وحلوة”

أحمد الطيبي، العضو المعروف في الكنيست الإسرائيلي والمقرب جدا من قيادات السلطة، أثار بدوره موجة جدل بعد ظهوره في فيديو يستعرض فيه لقائه مع “الشباب والصبايا من اللد”.

المشهد المذكور جاء في توقيت حساس بالتزامن مع تصاعد المجازر في غزة، ما اعتبره كثيرون دليلاً على انفصال بعض الشخصيات الفلسطينية عن الواقع الدامي لشعبها.

الطيبي، الذي اعتاد الظهور الإعلامي وطرح مواقف معارضة للسياسات الإسرائيلية، وجد نفسه أمام سيْل من الانتقادات، إذ رأى البعض أن ظهوره بهذا الشكل غير اللائق يسيء إلى مكانته ومصداقيته كصوت للداخل الفلسطيني المحتل.

عصمت منصور… بطل التحليلات المدفوعة 

أما عصمت منصور، الأسير المحرر الذي يقدّم نفسه ككاتب ومحلل سياسي، فقد ظهر في صور يعرّف متابعيه على “طلابي في مادة اللغة العبرية، برنامج الدراسات الإسرائيلية – جامعة بير زيت” فيما علق متابعون بسخرية “الحياة حلوة لا شك وماشية وكله تمام عند عصمت منصور.”

المفارقة الأكبر، بحسب منتقدين، أن عصمت منصور تحوّل في الفترة الأخيرة إلى ضيف دائم على منابر إعلامية محسوبة على الإمارات، حيث باتت تحليلاته، وفق كثيرين، “بطعم الدراهم الإماراتية.”

إذ يرى منتقدوه أنه يتبنّى سرديات تتماهى مع المواقف الإماراتية المتحفظة على المقاومة الفلسطينية، وصولاً أحياناً إلى خطاب يصفه البعض بأنه يروّج لرواية الاحتلال أو يقلل من شرعية المقاومة المسلحة.

ويرى آخرون أن منصور كان بإمكانه أن يعيش حياته الخاصة بعيداً عن الأضواء، بدلاً من إقحام نفسه في مشهد سياسي وإعلامي يراه البعض مشبوهاً أو منحازاً.

انفصال عن نبض الشعب

الصور والفيديوهات والتصرفات الفردية قد يراها البعض “حرية شخصية”، لكن توقيتها وسط مجازر غزة حوّلها إلى فضيحة أخلاقية، وفق كثير من المعلقين الفلسطينيين والعرب.

ففي الوقت الذي يعيش فيه القطاع أسوأ أيامه، ويكاد لا يمر يوم بلا قصف أو شهداء، يجد قطاع واسع من الشعب الفلسطيني نفسه مصدوماً بسلوكيات بعض من يُفترض أنهم رموز أو نخب أو ممثلون لشعبهم في المحافل الدولية.

ويرى مراقبون أن هذه الظواهر لا تعكس مجرد تصرفات فردية، بل تكشف هوة عميقة بين بعض رموز السلطة الفلسطينية وحياة الشعب اليومية المليئة بالألم والفقدان. وهو ما يفتح مجدداً النقاش حول أزمة القيادة والتمثيل، وغياب الحس الشعبي لدى من يُفترض أنهم يقودون المشروع الوطني أو يمثلونه أمام العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى