شبكة أفيخاي تستميت للدفاع عن العملاء في غزة بعد استهدافهم من المقاومة

انبرت حسابات شبكة أفيخاي – الذراع الإعلامي غير الرسمي للاحتلال وأدواته في الساحة الفلسطينية – لتقود حملة هستيرية في الساعات الأخيرة تحت عنوان “العدالة وحقوق الإنسان”، بعد أن نفّذت المقاومة الفلسطينية في غزة أحكامًا ثورية بحق مجموعة من العملاء المتخابرين مع الاحتلال.
لكن المفارقة الصارخة أن هذه الأصوات التي تملأ الفضاء الافتراضي نواحًا على “سيادة القانون” لم تكن يومًا معنية بالقانون ولا بالعدالة، بل كانت على الدوام تعمل في خدمة رواية الاحتلال وتبرّر جرائمه، قبل أن تتحول فجأة إلى “محامين” يدافعون عن الخونة ويهاجمون المقاومة.
ولم يأتِ هذا التحرك الإعلامي من فراغ؛ فـ”شبكة أفيخاي” – التي تضم وجوهًا من فتح والسلطة ومنصات ممولة إماراتيًا – تدرك أن ضرب العملاء يشكل انتكاسة استخباراتية خطيرة للمنظومة الأمنية الإسرائيلية التي فقدت مئات أعينها داخل القطاع بعد سنوات من الاختراق.
لذلك فإن الدفاع عن هؤلاء لا يرتبط بالرحمة أو القانون، بل بمحاولة إنقاذ ما تبقى من شبكة التجسس الإسرائيلية في غزة، عبر خلق رأي عام متعاطف مع “الضحايا” وتصويرهم كأبرياء أو “مظلومين سياسيين”.
وقد نشرت حسابات شبكة أفيخاي عشرات المنشورات على المنصات الاجتماعية، مستخدمة لغة موحّدة تدّعي “رفض الإعدامات خارج القانون”، وتطالب “بمحاكم عادلة”، متناسية أن هؤلاء العملاء قدّموا معلومات مباشرة للاحتلال أدت إلى اغتيال قادة ميدانيين وتدمير منازل.
فالقانون الثوري في غزة – شأنه شأن قوانين كل حركات التحرر – يجيز محاكمة العملاء الذين يعملون لصالح العدو خلال الحرب، وخصوصًا في ظل غياب منظومة قضائية مدنية طبيعية بفعل العدوان المستمر.
شبكة أفيخاي ويكيبيديا
تأتي هذه الحملة ضمن استراتيجية إسرائيلية مزدوجة: الأولى تهدف إلى نزع الشرعية عن المقاومة عبر تسويقها كـ“سلطة منفلتة” ترتكب الإعدامات خارج نطاق العدالة، والثانية تسعى إلى تحييد الغضب الشعبي ضد العملاء وتحويله إلى نقاش قانوني بارد يخدم رواية الاحتلال.
وتقوم حسابات شبكة أفيخاي – التي تضم شخصيات مثل حمزة المصري، جمال نزال، منير الجاغوب، وأيمن العالول وعبدالحميد عبدالعاطي – بإعادة تدوير المحتوى الإعلامي الإسرائيلي الموجه للعرب، مستخدمة لهجة فلسطينية متعاطفة لتضليل المتابعين.
ويلاحظ المراقبون أن هذه الشبكة لا تتحرك إلا عندما تتضرر مصالح الاحتلال، فهي لم تُبدِ أي تعاطف مع آلاف المدنيين الذين أُعدموا تحت الأنقاض أو في المستشفيات جراء القصف الإسرائيلي، لكنها تنتفض فور سقوط عميل أو مرتزق تحت يد المقاومة، في انحياز فاضح لمن يخدم الأجندة الإسرائيلية.
ويؤكد باحثون في الإعلام الرقمي أن نشاط شبكة أفيخاي ممول جزئيًا من منصات إماراتية وسعودية تتخذ من “مكافحة التطرف” شعارًا ظاهريًا، لكنها في الجوهر تعمل على تشويه فصائل المقاومة وتبرير التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
ويشير تحليل للبيانات إلى أن أكثر من 70% من الحسابات المشاركة في حملة “العدالة للعملاء” مرتبطة بصفحات تُدار من الخارج، وتستخدم أساليب الذكاء الاصطناعي لتضخيم التفاعل، في محاولة لإعطاء الانطباع بأن هناك رأيًا عامًا فلسطينيًا ضد المقاومة.
إلا أن الواقع على الأرض في غزة مختلف تمامًا؛ فالمجتمع الفلسطيني يدرك خطورة الخيانة في زمن الحرب، ويعتبر العملاء أداة قتل غير مباشرة، كما أن تنفيذ أحكام بحقهم يعزز الشعور بالردع ويمنع تكرار الاختراقات.
ولذلك، فالحملة الرقمية التي تقودها شبكة أفيخاي تُقابل برفضٍ شعبي واسع داخل القطاع، حيث يرى المواطنون أنها امتداد إعلامي لعمليات الاحتلال العسكرية.
من “محامي العملاء” إلى أبواق الاحتلال
يستند خطاب شبكة أفيخاي إلى ازدواجية فاضحة: فحين تمارس دولة الاحتلال الإعدامات الميدانية بحق المدنيين في غزة، تصمت هذه الشبكة، بل وتبررها بذريعة “محاربة الإرهاب”. أما حين تطبّق المقاومة قانونها الثوري على من خان وطنه، يتحدثون فجأة عن “الشرعية الدولية”.
هذه الازدواجية ليست عفوية، بل تهدف إلى شيطنة المقاومة وتجريم فعلها المقاوم، وإضعاف الثقة الشعبية بها في وقتٍ تتعرض فيه لضغط عسكري هائل من الاحتلال وحلفائه.
والمفارقة أن العديد من أعضاء الشبكة كانوا يحتفون سابقًا بالبلطجية والمسلحين الذين استهدفوا عناصر المقاومة أو الأجهزة الأمنية في القطاع، وقدموا لهم غطاء إعلاميًا وسياسيًا. واليوم، بعدما تمت محاسبتهم، يطالبون بـ“حقوقهم الإنسانية”، في مشهدٍ يعكس حجم الانفصام الأخلاقي.
وعليه فإن استماتة شبكة أفيخاي في الدفاع عن العملاء ليست دفاعًا عن القانون، بل عن منظومة التجسس التي يخشى الاحتلال انهيارها بالكامل.