العفو العام.. فرصة أخيرة قبل إغلاق ملف العصابات في غزة

تواجه “إسرائيل” اليوم نتائج ما وصفته القناة 12 العبرية بـ”الفشل الاستراتيجي” في مشروعها المعروف بـ”مشروع العصابات”، الذي صاغته أذرعها الأمنية خلال الحرب على قطاع غزة بهدف إيجاد بديل محلي لحكم حركة حماس.
فالمجموعات التي تم تسليحها وتشجيعها على فرض نفوذها في أحياء ومناطق متفرقة، تحوّلت بعد انتهاء العمليات العسكرية إلى عبء أمني خطير يهدد الاستقرار الداخلي في القطاع.
وأوضحت القناة الإسرائيلية أن حماس بدأت حملة أمنية موسعة تستهدف تلك العصابات والميليشيات التي نشأت بدعم من الاحتلال.
وتشرف على الحملة وحدات متخصصة أبرزها “وحدة السهم” و”قوة رادع”، اللتان تتوليان تنفيذ عمليات دقيقة لتفكيك البؤر المسلحة وإعادة فرض السيطرة الأمنية في مختلف محافظات القطاع.
حملة العفو والتوبة
وتأتي هذه التحركات ضمن المرحلة الثانية من الحملة الأمنية التي أطلقتها الأجهزة المختصة في غزة، والتي تتضمن فتح باب التوبة والعفو العام أمام من انخرطوا في صفوف العصابات ولم تتلطخ أيديهم بالدماء.
ووفق المعايير المعلنة، تستمر مهلة تسليم النفس حتى مساء الأحد 19 أكتوبر/تشرين الأول 2025، حيث سيتم تسوية أوضاع من يسلم نفسه بشكل نهائي دون ملاحقة لاحقة.
دعم وطني وعشائري
وفي السياق ذاته، أكد رئيس الهيئة العليا لشؤون العشائر الفلسطينية حسني المغني أن تدخل الأجهزة الأمنية “حال دون انزلاق الأوضاع إلى حرب أهلية داخلية”، مشددًا على أن العصابات المسلحة “ارتكبت جرائم خطيرة من قتل ونهب واعتداء على شاحنات المساعدات خلال فترة الحرب”.
وأشار المغني إلى أن “الفصائل والقوى الوطنية والعشائر تقف إلى جانب الجهود الجارية لإعادة الأمن والاستقرار إلى غزة”، معتبرًا أن فتح باب التوبة والعفو العام “يشكل فرصة حقيقية لإنهاء حالة الفوضى واستعادة النسيج المجتمعي بعد الحرب المدمّرة”.
ملاحقة العصابات في غزة
وتتوزع العمليات الأمنية على عدة مناطق في القطاع، أبرزها مدينة رفح التي كانت مركزًا لعصابة “أبو شباب”، إحدى المجموعات التي اعتمد عليها الاحتلال في مشروع “العشائر” خلال الحرب، قبل أن تتحول اليوم إلى هدف رئيسي للحملة بعد اتهامها بالتعاون مع “إسرائيل”.
وفي مدينة غزة، شهد حي الصبرة اشتباكات عنيفة مع أفراد من عائلة دغمش أسفرت عن مقتل عدد منهم واعتقال آخرين، فيما اندلعت مواجهات مماثلة في حي الشجاعية شرق المدينة مع عصابات مسلحة حاولت فرض نفوذ محلي.
أما في شمال القطاع، فقد قُتل عدد من المسلحين خلال اشتباكات محدودة، بينما سلّم آخرون أنفسهم للأجهزة الأمنية.
وفي خان يونس، أعلنت عائلة المجايدة تسليم أسلحتها طوعًا لتجنب الصدام، في خطوة لاقت ترحيبًا من وجهاء المنطقة والعشائر المحلية.
وبينما ترى الأوساط الإسرائيلية أن “إسرائيل” تواجه اليوم مأزقًا جديدًا بين خيارين صعبين — إما التدخل مجددًا والمجازفة بانهيار الهدوء النسبي، أو ترك الأمور تتطور داخليًا — تشير المعطيات إلى أن الحملة الأمنية ماضية في مسارها لإعادة ضبط الأوضاع الميدانية وإغلاق ملف العصابات المسلحة الذي مثّل أحد أخطر إفرازات الحرب الأخيرة.