معالجات اخبارية

مُنفى 4 سنوات.. ناصر القدوة يعود بمشروع تسوية يخدم الاحتلال

عاد ناصر القدوة، أحد أبرز وجوه التيار الفتحاوي المنشق سابقًا، إلى الضفة الغربية بعد غياب دام أربع سنوات، حاملاً مبادرة سياسية وُصفت بأنها محاولة لتطويع غزة وتحويل حماس إلى حزب منزوع السلاح تحت إدارة جديدة.

القدوة الذي يُقدَّم اليوم كـ”رجل التسويات الهادئة”، يدخل المشهد الفلسطيني من بوابة ما يسمى “خارطة الطريق لغزة”، وهي في جوهرها خطة لإعادة إنتاج السلطة بشكل ينسجم مع الرؤية الأميركية – الإسرائيلية لما بعد الحرب.

ناصر القدوة وغزة

وفي تصريحاته لوكالة رويترز، دعا القدوة “حماس” إلى ما وصفه بـ”التحول السياسي”، زاعمًا أنه يجب طمأنتها بأنها “لن تتعرض للملاحقة أو الاغتيال”، وأن “بعض الموظفين سيحظون بفرصة أخرى”.

وبدا خطابه أقرب إلى رسالة تطمين موجهة للمقاومة في إطار مشروع ترويض سياسي، لا إلى مبادرة للمصالحة الوطنية، فحديثه عن “تحويل حماس إلى حزب سياسي” يعيد طرح الرؤية الأميركية نفسها أن غزة بلا مقاومة، وبلا سلاح، وبإدارة فلسطينية شكلية تحت وصاية دولية.

غزة تحت إشراف دولي بغطاء فلسطيني

وتنسجم أفكار القدوة بدقة مع الخطط الأميركية المتداولة حول “غزة ما بعد الحرب”، لجنة تكنوقراط بإشراف دولي، شرطة جديدة مدعومة بقوات أجنبية، ومجلس مفوضين يعيد السلطة إلى غزة عبر بوابة “الإدارة المؤقتة”.

وبهذا الطرح، تتحول غزة إلى منطقة خاضعة للرقابة الدولية، ويُعاد إنتاج النظام السياسي القديم بطريقة ناعمة تخدم مصالح الاحتلال وتمنح الغطاء الفلسطيني المطلوب.

ويحاول القدوة تقديم نفسه كمصلح داخلي حين يتحدث عن مواجهة الفساد واستعادة ثقة الشارع الفلسطيني، لكنه يتجنب ذكر الأسماء أو تحميل المسؤوليات، خطابه العام والضبابي لا يهدف إلى الإصلاح بقدر ما يهدف إلى تلميع صورة السلطة وإعادة تسويقها أمام الخارج بعد أن فقدت شرعيتها في الشارع الفلسطيني نتيجة الفساد والتنسيق الأمني والتبعية السياسية.

إعادة إنتاج السلطة

ولم تكن عودة القدوة إلى صفوف فتح قرارًا ذاتيًا، بل جاءت بعفو شخصي من محمود عباس أعاده إلى الحركة بعد طرده عام 2021 إثر تقديمه قائمة انتخابية مستقلة.

وتعكس هذه العودة تفاهمات داخلية تهدف إلى إعادة تدوير بعض الشخصيات القديمة لتجميل صورة النظام السياسي المتصدع، لا إلى فتح صفحة إصلاح حقيقية أو توحيد الصف الوطني.

وما يطرحه القدوة اليوم ليس رؤية وطنية بقدر ما هو استكمال لمسار سياسي فاشل يستهدف تصفية ما تبقى من روح المقاومة في غزة، وعودته بهذا الطرح تمثل امتدادًا لمحاولات إعادة بناء النظام الفلسطيني على مقاس الاحتلال، ضمن تسوية مفروضة تحمل عنوان “الإصلاح” وتخفي في جوهرها مرحلة جديدة من الوصاية على القرار الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى