تحليلات واراء

شبكة أفيخاي تلجأ إلى منابر إعلامية دولية للتحريض ضد المقاومة

عمدت شبكة افيخاي في محاولة لتصعيد خطابها التحريضي ضد المقاومة الفلسطينية عقب إعلان اتفاق وقف إطلاق النار مؤخرا في قطاع غزة إلى استغلال منابر إعلامية دولية لتوجيه رسائلها المسمومة وذلك بتنسيق ودعم إسرائيلي.

إذ نشر العضو في شبكة أفيخاي مؤمن الناطور، مقالا في صحيفة “واشنطن بوست ” الأمريكية، زعم فيه أن “هناك واقعين متناقضين في قطاع غزّة عقب وقف إطلاق النار، واقع يعمّه الأمل في بعض المناطق التي بدأت تشهد عودة للحياة الطبيعية، وواقع آخر، مظلم، يسوده العنف الداخلي وسيطرة حماس”.

وادعى الناطور أن المناطق الخاضعة لسيطرة الاحتلال في قطاع غزة تتوفر فيها سبل الحياة الأساسية مثل الغذاء والدواء والكهرباء، ويبدأ بعض الأطفال بالعودة إلى المدارس، وتتطوّر جهات مدنيّة محليّة مترقّبة شراكة دولية لبناء مستقبل جديد.

لكن في الجانب الآخر من الخطّ الأصفر، يشكل حضور حماس فيه قوة تحاول بنفسها إفشال أي مستقبل جديد “فالحركة فيما تغيب القوات الإسرائيليّة، تقوم بفرض هيمنتها بإجراءات عنيفة ضد المعارضين” في إشارة إلى العملاء والخونة.

ويذهب الناطور حد الزعم بأن النجاح مرهون بأن يلتزم المجتمع الدولي بالاتفاق، بأن تُجرد حماس من السلاح، وأن بقاء المقاومة في غزة وعدم مساءلتها “سيمثل تراجعا ليس للفلسطينيين فقط، بل للمنطقة بأسرها”.

من هو مؤمن الناطور؟

على مدار أشهر حرب الإبادة على غزة، تحول المدعو مؤمن الناطور إلى أداة نشطة في حملة ممنهجة لتشويه المقاومة ومحاولة تقويض الجبهة الداخلية لصالح الرواية الإسرائيلية.

ويقدم الناطور نفسه عبر منصات التواصل كناشط إعلامي أو “محلل سياسي”، لكنه في الواقع جزء من بنية دعائية متكاملة مرتبطة بمشروع اختراق الوعي الفلسطيني.

ونشاطه يتمحور حول مهاجمة فصائل المقاومة، وتبني سرديات أمنية تُسوّق لمزاعم الاحتلال، فضلاً عن تشويه البيئة الاجتماعية في غزة وتصويرها كمكان للفوضى والدمار بسبب “حكم المقاومة”، على حد زعمه.

ويتبنّى مؤمن الناطور خطابًا متكررًا ومتسقًا مع الرواية الإسرائيلية التي تُحمّل المقاومة الفلسطينية المسؤولية عن المعاناة في قطاع غزة، متجاهلاً الاحتلال ذاته كجذر للمأساة.

ففي منشورات عديدة، اتهم الناطور المقاومة بـ”الاختباء بين المدنيين”، مكررًا الرواية التي يستخدمها الاحتلال لتبرير المجازر.

كما كتب منشورًا في يناير 2024 قال فيه: “لو تركتم الناس تعيش، لما دُمّرت غزة بهذا الشكل… أنتم السبب.”

وهو بذلك يقدّم الغطاء الأخلاقي لجرائم الحرب الإسرائيلية، محوّلاً الضحية إلى جلّاد، دون أي ذكر للقصف العشوائي أو استهداف البنية التحتية والمخيمات.

وفي منشورات أخرى، ألمح إلى ضرورة “اجتثاث” المقاومة من غزة بأي وسيلة، مستخدمًا لغة ذات طابع أمني صرف، ما يعكس مدى تورطه في خطاب نزع الشرعية عن المقاومة وشيطنتها، في انسجام تام مع اللغة العسكرية الإسرائيلية.

شبكة أفيخاي ويكيبيديا

اللافت أن الناطور لا يكتفي بانتقاد المقاومة، بل يتبنى مباشرة الروايات الإسرائيلية في ملفات استراتيجية، منها الأسرى، والتمويل الخارجي، وحتى المساعدات الإنسانية.

ففي مارس 2025، نشر تغريدة أعاد فيها نشر بيان لجيش الاحتلال حول وجود “أنفاق تحت المستشفيات”، مرفقًا تعليقًا يقول فيه: “المقاومة تحول المستشفيات إلى مقرات عسكرية، فلتتحمل النتائج.”

وهو خطاب مألوف ضمن البروباغندا العسكرية الإسرائيلية التي تستهدف ضرب الشرعية الإنسانية للمؤسسات المدنية في القطاع.

كما ردد مؤمن الناطور، في أكثر من مناسبة، المزاعم حول استخدام حركة حماس للمساعدات الإنسانية لأغراض عسكرية، مستندًا إلى “تقارير غربية” دون تدقيق، وهو ما يُعد جزءًا من حملة تجفيف الدعم الدولي لغزة، المتماهي مع الأجندة الإسرائيلية.

وفي أبريل 2025، انتقد بشدة جهود وكالة “أونروا”، معتبرًا أنها “تغطي على تجاوزات المقاومة”، متجاهلًا كونها المؤسسة الدولية الرئيسية التي تقدم الإغاثة لمليوني إنسان في ظل الحصار.

وما يفعله مؤمن الناطور لا يمكن فصله عن عمل استخباراتي دعائي منظم، فخطابه متناغم مع مخرجات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ويستهدف تفكيك الجبهة الداخلية لغزة من الداخل، لا عبر القصف، بل عبر التشويه والتحريض والإيهام بأنّ الاحتلال “أقل شرًا” من المقاومة.

وفي هذا الإطار، يشكل الناطور نموذجًا صارخًا لسياسات الاحتلال التي تعتمد على أدوات ناطقة بالعربية لترويج مواقفها، في محاولة لخداع الرأي العام الفلسطيني والعربي.

وبالإجمال فقد تحوّل مؤمن الناطور إلى لسان ناطق باسم الاحتلال، من خلال نشاطه في شبكة أفيخاي، يؤكد أن الحرب على غزة ليست فقط عسكرية، بل إعلامية ونفسية أيضًا.

ودوره يتجاوز النقد المشروع ليصبح أداة اختراق وتفتيت، تهدف إلى ضرب البنية المعنوية للمجتمع الفلسطيني، وخلق شرخ بين المقاومة والناس. وفي ظل هذا الواقع، تبرز الحاجة إلى الوعي الشعبي لمواجهة هذا النمط من “التطبيع الناعم” مع الاحتلال، والذي يرتدي أقنعة محلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى