رغم انتهاء الحرب.. عباس يواصل التنكر لتعهده بزيارة غزة المكلومة

يواصل رئيس السلطة الفلسطينية التنكر لتعهده بزيارة قطاع غزة وكأنه لم يكن على الرغم من مضي أيام عديدة على بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي استمرت لعامين.
ففي 15 آب/أغسطس من العام الماضي صرح عباس أمام البرلمان التركي، بأنه سيقوم بالتوجه إلى غزة برفقة كل القيادة من أجل الضغط لوقف حرب الإبادة الجماعية.
لاحقا اجتمعت اللجنتين المركزية لحركة فتح والتنفيذية لمنظمة التحرير للتحضير للزيارة المزعومة، وعلق المحللين وكتبوا عن ضرورة وأهمية وآثار الزيارة التي لم تحصل حتى الآن.
ومن دون أن يحدد موعدا أو خطوات عملية لإمكانية زيارته غزة المفجوعة بالشهداء والتدمير والخراب، اكتفى عباس بمطالبته مجلس الأمن الدولي بتأمين وصوله وأعضاء القيادة الفلسطينية إلى غزة.
كما أنه دعا قادة الدول العربية والإسلامية والصديقة والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش إلى المشاركة في زيارة غزة والتواجد بين أهلها.
لكن هذا الإعلان الذي روجه له الإعلام الرسمي التابع للسلطة الفلسطينية ذهب أدراج الرياح ولم يتم ترجمته على أرض الواقع بأي صورة حتى لو من قبيل الضغط الفعلي على الاحتلال لزيارة وفد مصغر.
إذ أثبتت الأحداث وليس اللغة الخطابية، أن كل ما فعله عباس هو استمرار التخلي الكامل عن أهل غزة رغم كل ما يعانوه من أهوال ومأساة نتيجة حرب الإبادة عبر قطع كل محاولات التوافق الداخلي على ترتيبات اليوم التالي للحرب.
وهنا يتساءل المراقبون: لماذا كان الوعد الذ أطلقه عباس من الأساس، وهل كان فقط مجرد استجابة لطلب تركي من دون وجود رغبة أو تحرك بتفعيل الزيارة؟.
وبحسب المراقبين فإن السلبية التي تعاملت وتتعامل بها قيادة السلطة الفلسطينية تجاه غزة وكل ما يتعلق بها هو سبب مباشر في كل ما وصله إليه القطاع المدمر.
محمود عباس ويكيبيديا
أثبت الطابع الدعائي الذي اكتفى به عباس حقيقة موقفه في ظل عزلته التامة عن أي تأثير حقيقي على المشهد السياسي والميداني الفلسطيني لا سيما ما يتعلق بحرب الإبادة وما يجرى في قطاع غزة.
ويتم ترجمة ذلك بما تظهره استطلاعات الرأي الفلسطينية التراجع الشديد في شعبية عباس (89 عاما) الذي لم يخض سوى انتخابات رئاسية عام 2005 ورفض وعرقل منذ ذلك الوقت أي انتخابات جديدة.
وسبق أن أظهر استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية ونشر صيف هذا العام، أن 85٪ من الجمهور الفلسطيني غير راض عن أداء عباس، بينما يطالبه نحو 94% بالاستقالة.
ووفقا لنتائج الاستطلاع، تعتقد نسبة تزيد قليلا عن النصف من الجمهور الفلسطيني أن حركة المقاومة الإسلامية “حماس” هي الأحق بتمثيل وقيادة الشعب الفلسطيني اليوم فيما تقول نسبة من 16% فقط أن حركة “فتح” بقيادة عباس هي الأحق بذلك.
إدارة الظهر لغزة والوحدة الوطنية
بموازاة تجاهله غزة ومعاناتها، يستمر عباس وأركان نظامه في إدارة الظهر للحاجة إلى الحوار الوطني والتوافق الداخلي لمجابهة أخطر مراحل القضية الفلسطينية على الإطلاق.
ويؤكد مدير مركز مسارات للأبحاث والدراسات في رام الله هاني المصري، أن تحقيق الوفاق الوطني والمصالحة يجب أن ينطلق من إدراك أن العدوان الإسرائيلي يستهدف مختلف الأطراف الفلسطينية ولا يستثني احدا، ولا يمكن النجاة بدون وحدة.
ويشدد المصري على وجوب مغادرة البرامج الفصائلية والتركيز على الحصص والمكاسب والوظائف الفردية والفئوية وتبني البرنامج الوطني الواقعي الكفاحي، ومغادرة استراتيجية البقاء والانتظار والنأي بالنفس التي تتبعها السلطة الفلسطينية.
وهو يدعو إلى حوار وطني لبلورة رؤية شاملة واستراتيجيات قادرة على تحقيق الأهداف الوطنية المباشرة، وعلى رأسها حق تقرير المصير وإنهاء الاحتلال بوصفه شرطًا لإنجاز استقلال دولة فلسطين على حدود عام 1967 باعتبار ذلك خطوة على طريق تحقيق الأهداف الوطنية كاملة.