تحليلات واراء

ميدل إيست آي: الدول العربية تكافئ إسرائيل سياسياً على حساب الفلسطينيين

قال موقع “ميدل إيست آي” البريطاني إن اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ الشهر الماضي في قطاع غزة يكشف عن الوجه الحقيقي للدول العربية الوازنة التي ظهرت تكافئ إسرائيل سياسياً على حساب الفلسطينيين.

وأشار الموقع اكتساب دول التطبيع العربي نفوذا سياسيا واسعا في واشنطن على حساب الفلسطينيين، واستغلال المأساة الإنسانية في غزة لتعزيز مصالحها الخاصة، بينما تُرك الشعب الفلسطيني لمواجهة العدوان والتقسيم المستمر.

وأكد الموقع أنه أصبح واضحاً أن دولة الاحتلال لم تكن لتتمكن من تحقيق مكاسبها العسكرية في غزة، ولا تنفيذ سياساتها العدوانية، من دون تعاون وغطاء سياسي من عدد من الدول العربية.

ومنذ البداية، حرصت هذه الدول على استخراج مكاسب سياسية واستراتيجية من الدمار الذي خلفته الحرب، متجاهلة بشكل كامل حقوق الفلسطينيين ومصالحهم.

المكاسب العربية على حساب الفلسطينيين

جاءت زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن الأسبوع الماضي كدليل حي على هذا النهج. إذ نجح في الحصول على موافقة واشنطن على بيع طائرات إف-35 المتطورة، محققاً بذلك مكاسب استراتيجية كبيرة للرياض، في الوقت الذي بقي فيه الفلسطينيون على هامش أي ترتيبات تحميهم أو تحمي أراضيهم.

وقد أوضح المسؤولون العرب خلال لقاءاتهم مع الإدارة الأميركية أن اهتمامهم الأساسي هو منع نزوح الفلسطينيين إلى أراضيهم، خاصة مصر والأردن، خوفاً من زعزعة استقرارهم الداخلي. أما مصالح الفلسطينيين نفسها، فهي غائبة تماماً عن المعادلة، بالرغم من الدعم الشعبي العربي الواسع للقضية الفلسطينية.

ومنذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، واصلت دولة الاحتلال سياساتها المعتادة بمئات الانتهاكات وقتل المئات من المدنيين الفلسطينيين، مع استمرار القيود على تحركاتهم وحصارهم.

وكل ذلك حدث بينما كانت الدول العربية تسعى فقط إلى استثمار نفوذها لكبح جماح إسرائيل بطريقة تحمي مصالحها، دون تقديم أي دعم حقيقي للشعب الفلسطيني.

ويعكس هذا النهج بحسب الموقع البريطاني، نوعاً من السياسة الدولية التي تركز على مصالح الأنظمة العربية الضيقة، مثل كبح اليمين الإسرائيلي عن تجاوز الخطوط الحمراء إقليمياً، والحفاظ على مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية، بينما تُترك غزة وشعبها لمواجهة العدوان وحدهم.

حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة ويكيبيديا

أبرز موقع ميدل إيست آي أن واحدة من النتائج الملموسة لهذه السياسات العربية هي تقسيم غزة فعلياً، بحيث أصبح “الخط الأصفر” الذي قُدم مؤقتاً واقعاً دائماً يفصل بين غزة القديمة و”غزة الجديدة”.

ويرسخ هذا التقسيم سياسة الاحتلال ويعزل الفلسطينيين عن حقوقهم الأساسية، بينما الدول العربية تستمر في تعزيز موقعها السياسي في واشنطن وعلاقاتها مع تل أبيب.

وفي الوقت نفسه، تواصل دولة الاحتلال عدوانها تحت ستار القيود الدبلوماسية التي فرضتها الدول العربية، بما في ذلك عمليات عسكرية متكررة ضد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وتوسيع الاستيطان بشكل ممنهج، دون أي تدخل فعلي من الدول العربية لحماية المدنيين.

بموازاة ذلك فإن كل الخطابات حول ربط التطبيع العربي بالإقرار بالدولة الفلسطينية باتت عديمة الجدوى، فسياسات الاحتلال الإسرائيلي على الأرض، بما في ذلك الضم الفعلي والتهجير المستمر، تجعل من تحقيق أي حل سياسي قريب أمراً شبه مستحيل.

وحتى في الحالات التي تسعى فيها الدول العربية لممارسة الضغط على دولة الاحتلال، يظل الفلسطينيون خارج أي حسابات جدية أو ضمانات حماية.

مصالح ضيقة مقابل مصير فلسطيني مهدر

يؤكد ميدل إيست آي أن ما تشهده المنطقة اليوم هو إعادة هيكلة إقليمية تتم على حساب الشعب الفلسطيني.

فالدول العربية التي تحقق مكاسب سياسية واستراتيجية في واشنطن ومجال الاقتصاد الدولي، تفعل ذلك بينما الفلسطينيون يواجهون الاحتلال وحدهم، ومعهم خطر الضم والتهجير المستمر.

ويحذر الموقع من أن استمرار هذا النهج يعني أن المنطقة ستظل غير مستقرة، والفلسطينيون في مواجهة دائمة للعدوان دون أي حماية حقيقية.

وكما يظهر الواقع، فإن الخذلان العربي الرسمي يترك دولة الاحتلال حرة في ممارسة سياساتها العدوانية، ويزيد من صعوبة أي حل سياسي عادل أو واقعي للقضية الفلسطينية، مع إبقاء الشعب الفلسطيني في هامش السياسة الدولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى