تحليلات واراء

ميليشيات العملاء.. كيف تُدار الفوضى داخل غزة عن بُعد؟

شهد قطاع غزة خلال عامين من الحرب بروز حالات محدودة من مجموعات مسلّحة أو أفراد انحرفوا عن المسار الوطني، مثل حالة أبو شباب والمنسي والإسطل وحلس وغيرها، حيث تشكّلت دوافعهم في كثير من الأحيان على خلفيات شخصية وانتقامية مرتبطة بماضٍ غير وطني وغير أخلاقي.

وقد وجدت فيهم أجهزة استخبارات الاحتلال، وبدعم من أجهزة استخبارية عربية، فرصة للاستغلال والتوظيف الاستخباري، بما يخدم أهدافها في إضعاف الجبهة الداخلية الفلسطينية.

ميليشيات العملاء

وقال  الباحث المتخصص في الشأن العسكري والأمني رامي أبو زبيدة، إن من أبرز الأساليب التي تبدع فيها الأجهزة الاستخبارية المحترفة إنتاج مجموعات مسلّحة محلية داخل البيئة المستهدفة، وتوفير السلاح والمال والخبرة لها، بهدف تنميتها وتعزيز حضورها، لتتحول لاحقاً إلى أداة لإسقاط منظومة ما أو تشتيت انتباهها ومنع استقرارها.

وتابع أبو زبيدة ويُعد إنتاج ميليشيا داخل البلد الهدف من أعلى مستويات التأثير في الصراع الاستخباري وأكثرها عنفاً وتصاعداً، لأنه يمثل حالة تكامل في السيطرة الاستخبارية عبر إيجاد خاصرة رخوة تخدش الأمن الداخلي وتضعف المكانة السياسية والقدرة على السيطرة وتشتيت الجهد.

وأضاف أن صناعة المجاميع المسلحة في السياق الاستخباري ليست عملاً عشوائياً، بل هي جهد مركّز يهدف إلى خلق الفوضى أو إرباك البيئة الأمنية أو فرض توازنات جديدة، أو إشغال القوى الشرعية، أو فرض منطق “الجغرافيا غير الآمنة” داخل المجتمع المستهدف.

عصابات غزة

وأوضح أن في الحالة الغزية، تسعى المنظومة الاستخبارية المعادية إلى توظيف هذه الأدوات الصغيرة والمتناثرة لتوليد تهديد داخلي منخفض الكلفة عالي التأثير، يضرب وحدة المجتمع ويستنزف قدراته الأمنية.

ونوه أبو زبيدة إلى أن استمرار محاولات أجهزة الاستخبارات المعادية في تجنيد أفراد أو مجموعات ذات خلفيات مضطربة أو دوافع شخصية يشكّل تهديداً خطيراً لبنية المجتمع الغزي وأمنه الداخلي. فهذه الظاهرة، رغم محدوديتها، تحمل طابعاً تراكمياً يمكن أن يتحول مع مرور الوقت إلى ثغرة أمنية مستدامة تُستخدم لاختراق النسيج الاجتماعي، وإضعاف ثقة الجمهور ، واستنزاف قدراته الأمنية في صراعات داخلية بدلاً من تركيزها على مواجهة الاحتلال.

وأشار إلى أن نجاح هذه الأجهزة في إيجاد بيئات حاضنة أو شبكات منفعة حول هذه المجموعات يعزز فرص التوسع والتكرار، ويفتح الباب أمام ظواهر أشد خطورة مثل الجريمة المنظمة والعمل المرتبط بأجندات خارجية.

وتابع لذلك فإن مواجهة هذا النوع من التجنيد لا يقتصر على المعالجة الأمنية فحسب، بل يتطلب تعزيز الوعي المجتمعي، وترسيخ منظومة القيم الوطنية، ومعالجة الأسباب الاجتماعية والنفسية التي قد تدفع بعض الأفراد إلى الانحراف، بما يضمن حماية المجتمع من محاولات الاستغلال وتوظيفه في مشاريع تستهدف أمنه واستقراره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى