عهد التميمي تواجه ذباب السلطة.. الحقيقة تُزعج أوسلو وأدواتها

لم يكن ما تعرضت له عهد التميمي سوى حلقة جديدة في مسلسل التحريض الذي تشنه أدوات سلطة أوسلو ضد كل صوت فلسطيني يخرج عن الخط المرسوم سلفًا.
عهد لم ترتكب “جريمة” سوى أنها قالت رأيًا سياسيًا واضحًا: “أن هذه السلطة لم تعد تمثل تطلعات شعبها، وأن الحوار معها بلا جدوى، وأن المقاومة هي التعبير الحقيقي عن الإرادة الفلسطينية، فيما تستمر السلطة في لعب دور الضحية بدل مواجهة أزمتها البنيوية”.
والسبب لا يعود لحدة الكلام بقدر ما يعود إلى هوية المتحدثة نفسها، فعهد التميمي محسوبة على فتح، وسبق أن استُخدمت صورتها ورمزيتها في خطاب السلطة وإعلامها، لكن حين قالت كلمة لا تخدم سرديتهم، انقلب الاحتفاء إلى تحريض، وكأن الوطنية باتت مشروطة بالصمت أو التماهي الكامل مع السلطة.
ذباب السلطة والمنصات المأجورة
والتحاق قناة جسور نيوز الممولة إماراتيًا بهذه الحملة لم يكن مفاجئًا، فالقناة التي تتولى منذ فترة الترويج لخطاب تلميع عصابات أبو شباب، وجدت في موقف عهد فرصة للهجوم على أي خطاب فلسطيني يطالب بمحاسبة السلطة أو رحيلها.
هكذا تتكامل الأدوار بين ذباب السلطة والمنصات الإعلامية الممولة، حيث يتحول أي نقد سياسي إلى اتهام، وأي موقف مستقل إلى مادة للتحريض والتشويه.
وما قالته عهد التميمي يندرج ضمن سياق أوسع من الانتقادات العلنية التي تصدر من داخل فتح نفسها، قبلها تحدث المفكر والمؤرخ الفلسطيني رشيد الخالدي بوضوح غير مسبوق عن أزمة السلطة، واليوم تتزايد الأصوات الغاضبة التي ترى أن هذه البنية لم تعد قادرة على تمثيل شعبها.
وهذا التراكم في النقد الداخلي لا يحرج السلطة فحسب، بل يضرب في عمق شرعيتها الفتحاوية، ويطرح أسئلة جدية حول مستقبلها، وحول مشاريع توريث القيادة في ظل هذا التآكل الشعبي.
وما يجري اليوم يؤكد أن المشكلة ليست في عهد التميمي، ولا في أي صوت حر، بل في سلطة تعتبر النقد تهديدًا، وتحارب الرأي بدل أن تحاسب نفسها، وحين تعجز عن المواجهة السياسية، تستدعي أدوات التحريض والتشويه، في محاولة لإعادة ضبط المشهد على مقاسها.
عهد التميمي
وفي ذات السياق، قال بسام زكارنة، عضو المجلس الثوري في حركة فتح: “الكف الذي واجه البندقية… لا يُحاكَم بمنشورات بل في الميدان، قد تختلف أو تتفق مع عهد التميمي فهذا حقك وقد لا تنسجم مع أفكارها أو مواقفها، لكن المحزن حقاً أن يكون معيارك في تقييم الناس هو مدى توافقهم مع مزاجك وما تسعى إليه من استرزاق.”
وتابع زكارنة: “فمن يمنحك التمويل ويبيع البلد تُصفّق له، ومن يزعج الجهات التي تملك المال والسلطة تُسارع لاتهامه بالأجندات والارتزاق وتفتح عليه مواسم الردح عبر الفيسبوك!”
وأضاف زكارنة: “هل يُعقل أنك تجهل من هي عهد التميمي؟ أم أنك تتجاهل ذلك عن قصد؟، عهد مناضلة منذ ولادتها، ابنة عائلة مناضلة بامتياز هم قادة وأبناء فتح كانوا وما زالوا: فتح المواقف، فتح الحرة، فتح المنسجمة مع مصالح شعبها.. فتح أول الرصاص وأول الحجارة وأول الدولة.. لم ينحرفوا ولم ينزلوا عن الجبل.”
وتابع: “والدها القائد باسم التميمي ووالدتها ناريمان التميمي من رموز النضال، قضيا معظم حياتهما في الميدان مع كل أفراد العائلة، وكلاهما اعتُقل لدى الاحتلال عشرات المرات وتعرّضا للتنكيل والتعذيب وناضلوا باسم الأحرار وباسم فتح وباسم الشعب الفلسطيني.”
وأوضح: “رصاص الاحتلال اخترق جسد والدتها وأمضت أياماً طويلة من القهر والتعذيب في السجون… جدّتها شهيدة، وخالها شهيد، وإخوتها بين أسير وجريح برصاص الاحتلال الحي… الطفل بألف رجل.”
وأضاف: “و ليس المناضل من قال أبي وأخي بل من قال أنا، لذلك: كف عهد الذي صفع وجه الجندي الإسرائيلي تناقلته وكالات أحرار العالم، وهناك شوارع تحمل اسمها في أكثر من دولة… وآخرها إحدى سفن أسطول الحرية التي حملت اسمها… وصفوها بأنها أيقونة فلسطين، وهي كذلك.”
وقال زكارنة: “أما بعض من يتصدّرون النقد اليوم فلا تاريخ لهم سوى مغامراتهم في الباردات والعربدات والسرقات… منشورات فيسبوك وكلمات تُطلق من خلف الشاشات دون ثمن أو تبعات سوى الطمع بترقية أو مال أو رضا الاحتلال… رضا وحدة 8200. ورغم معرفتنا بتاريخ بعضهم الغارق في الرذالة نترفّع عن ذكر الأسماء.”
وأشار إلى أن: “في حرب غزة كانت عهد ووالداها من أوائل المعتقلين، وما تعرّضوا له من تعذيب وثّقته وسائل الإعلام التي نشرت حالة والدها وحالتها بعد الإفراج، خرجوا بفضل مقاومة غزة، ومن حقها أن تعتز بذلك، وعندما تدعم عهد الفعل المقاوم فهي لا تنظّر ولا تتاجر بل تمارس وتدفع الثمن.”





