معالجات اخبارية

أطماع الإمارات وإسرائيل تتحد لنهب غاز غزة

كشف مسؤول غربي سابق ومسؤولان غربي وعربي حاليان عن مناقشات جرت بين الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي ودولة الإمارات لنهب غاز غزة تحت غطاء توجيهها للمساهمة في تمويل إعادة إعمار القطاع المدمر.

وأبرز موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أن هذه المناقشات تأتي في وقت لا يزال فيه الفلسطينيون محرومين فعليًا من السيطرة على مواردهم الطبيعية، بينما تتواصل حرب الإبادة الإسرائيلية وتداعياتها الإنسانية الكارثية.

وبحسب المصادر، طُرحت عدة صيغ خلال هذه المناقشات، من بينها منح شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” حصة في حقول الغاز غير المطورة قبالة غزة، على أن تُستخدم العوائد المالية لاحقًا في مشاريع إعادة الإعمار.

وأكدت المصادر أن هذه الطروحات ما تزال تمهيدية ولم تصل إلى مرحلة الالتزامات الرسمية، على غرار كثير من خطط “اليوم التالي” لغزة التي رعتها واشنطن حتى قبل توقيع وقف إطلاق النار في أكتوبر.

حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة ويكيبيديا

أوضح المسؤول الغربي السابق أن فكرة استغلال غاز غزة عادت إلى الواجهة مجددًا في ديسمبر، في سياق بحث بدائل مالية لا تُحمّل الولايات المتحدة أو حلفاءها كلفة مباشرة لإعادة الإعمار.

ويُعد حقل غاز غزة البحري، المكتشف عام 2000، أحد أبرز الموارد الطبيعية الفلسطينية غير المستغلة حتى اليوم، بسبب القيود الإسرائيلية المستمرة.

وتتقاسم حقوق تطوير الغاز في الحقل كيانان فلسطينيان: منتدى الاستثمار الفلسطيني، وهو صندوق الثروة السيادية التابع للسلطة الفلسطينية، وشركة “المقاولون المتحدون”، وهي مجموعة إنشاءات وطاقة مملوكة لعائلة فلسطينية من الشتات ومقرها اليونان.

كما أن نحو 45% من الحقوق مخصصة لشريك دولي، وكانت مصر قد أبدت اهتمامًا بالحصول على هذه الحصة قبل هجوم 7 أكتوبر 2023 والحرب الإسرائيلية اللاحقة على غزة، والتي وصفتها الأمم المتحدة بأنها ترقى إلى إبادة جماعية.

وأكد الخبير في غاز شرق المتوسط مايكل بارون، مؤلف كتاب “قصة غزة البحرية”، أن المشروع “قابل للتطبيق تجاريًا بدرجة كبيرة”.

وقال إنه حين عمل على المشروع قبل 15 عامًا، قُدرت كلفة تطوير الحقل بنحو 750 مليون دولار، مع توقعات بإيرادات تصل إلى 4 مليارات دولار، وأرباح سنوية تقارب 100 مليون دولار لمدة 15 عامًا تعود إلى السلطة الفلسطينية.

وأضاف: “هذا هو أثمن مورد طبيعي للفلسطينيين في الوقت الحالي، وتطويره يمكن أن يسهم فعليًا في إعادة الإعمار”.

تقديرات إعمار غزة

تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الكلفة الإجمالية لإعادة إعمار غزة تتجاوز 70 مليار دولار، ما يجعل عوائد الغاز، حتى في أفضل السيناريوهات، غير كافية لتغطية حجم الدمار.

ومع ذلك، لا تبدو الولايات المتحدة ولا دولة الاحتلال قريبتين من بحث إعادة إعمار شاملة، بل تعملان على خطط محدودة النطاق.

وبحسب المسؤول الغربي السابق، يقود فريق من المعينين السياسيين الأمريكيين المقربين من جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مباحثات من تل أبيب لوضع خطة تقتصر على بناء وحدات سكنية مؤقتة في الجزء الخاضع للاحتلال الإسرائيلي من غزة.

وأكد أن دبلوماسيين رفيعي المستوى من مصر ودول خليجية، بينها الإمارات، أبدوا معارضة لهذه الخطة لأنها تُبقي القطاع مقسمًا.

كما تعثرت خطة أمريكية لنشر قوة دولية في غزة، نتيجة رفض دول عربية وإسلامية المشاركة فيها، خشية أن تجد قواتها نفسها عالقة بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال الإسرائيلي.

ورغم ذلك، قال مسؤول غربي حالي إن النقاشات حول ربط غاز غزة بشبكة حقول شرق المتوسط لا تزال مستمرة، في إطار تصور إقليمي تقوده إسرائيل بدعم أمريكي.

وبرزت دولة الاحتلال خلال السنوات الأخيرة لاعبًا رئيسيًا في سوق الغاز بشرق المتوسط.

فقد وافق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مؤخرًا على تصدير غاز بقيمة 35 مليار دولار إلى مصر، التي تواجه تراجعًا في إنتاج حقولها البحرية.

وفي هذا السياق، أبدت الإمارات اهتمامًا متزايدًا بالاستثمار في الغاز الإقليمي، رغم انسحاب “أدنوك” و”بي بي” في 2024 من صفقة للاستحواذ على حصة في شركة “نيوميد إنرجي” الإسرائيلية، المالكة لحصص كبيرة في حقول ليفياثان وأفروديت.

ويرى دبلوماسيون ومسؤولون إقليميون أن الإمارات مرشحة للعب دور أكبر في غزة مقارنة بجيرانها في الخليج. ففي حين أعلنت قطر صراحة أنها لن تمول إعادة إعمار القطاع، وفضّلت السعودية التزام الصمت دون تعهدات مالية، برزت أبوظبي كشريك خليجي مستعد للتنسيق مع واشنطن وتل أبيب.

وقال أحد المسؤولين الغربيين: “لا أحد يريد دفع فاتورة إعادة الإعمار، لكن الاستثمار في الموارد الطبيعية، بالنسبة لدولة مثل الإمارات، قد يكون وسيلة للقيام بشيء ما”. ويعكس هذا التوجه منطقًا تجاريًا بحتًا، يُعيد طرح إعمار غزة بوصفه صفقة استثمارية، لا استحقاقًا سياسيًا وإنسانيًا لشعب تحت الاحتلال.

وفي ظل هذا المشهد، تتقاطع مصالح دولة الاحتلال الساعية لتعزيز هيمنتها على موارد شرق المتوسط، مع طموحات الإمارات التوسعية في قطاع الطاقة، على حساب حق الفلسطينيين في ثروتهم الطبيعية.

ويثير ذلك مخاوف واسعة من أن يتحول غاز غزة من فرصة للسيادة الاقتصادية الفلسطينية إلى أداة جديدة لإدامة السيطرة والنهب تحت غطاء “إعادة الإعمار”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى