الإمدادات لغزة تتراجع لأدنى مستوى في 11 شهرا رغم الإنذار الأمريكي لإسرائيل
أظهرت أرقام إسرائيلية رسمية أن كمية الإمدادات التي تصل إلى غزة انخفضت إلى أدنى مستوى منذ ديسمبر/كانون الأول، على الرغم من إصدار الولايات المتحدة إنذارا نهائيا مدته 30 يوما الشهر الماضي يهدد بفرض عقوبات إذا لم يكن هناك زيادة في الإمدادات الإنسانية التي تصل إلى القطاع.
وقد تم تسليم الإنذار في الثالث عشر من أكتوبر/تشرين الأول، ومن المقرر أن ينتهي يوم الثلاثاء أو الأربعاء. ومن غير الواضح ما هي التدابير التي قد تتخذها “إسرائيل” في حال فشلها الواضح في تلبية المطالب الأميركية، ولكنها قد تشمل وقفاً مؤقتاً لإمدادات بعض الذخائر أو غيرها من المساعدات العسكرية.
ولم يدخل إلى قطاع غزة سوى 8,805 أطنان من المساعدات الغذائية عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية حتى الآن هذا الشهر.
وفي تنازل في اللحظة الأخيرة، أعلنت السلطات الإسرائيلية يوم الاثنين عن توسيع “المنطقة الإنسانية” المخصصة، مضيفة مناطق داخلية يمكن أن تخفف جزئيا من الاكتظاظ الشديد وتسمح لبعض النازحين بالابتعاد عن الساحل مع اقتراب فصل الشتاء.
لكن الحكومة الإسرائيلية تجاهلت معظم المطالب الواردة في رسالة مشتركة أرسلها أنتوني بلينكين وزير الخارجية الأميركي ولويد أوستن وزير الدفاع الأميركي في 13 أكتوبر/تشرين الأول.
وضع كارثي
يصف مسؤولو الإغاثة في غزة الوضع في معظم أنحاء القطاع، حيث نزح أكثر من 80% من السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة ودُمر أكثر من ثلثي المباني أو تضرر خلال 13 شهراً من الحرب، بأنه “كارثي”.
وقال أحد مسؤولي الأمم المتحدة لصحيفة الغارديان البريطانية “لم يعد هناك أي شيء يدخل إلى شمال غزة. لقد اختفت كل الأسواق الصغيرة التي ظهرت في الشوارع. هناك القليل من الدقيق، وبعض سائل غسيل الصحون”.
وأضاف “يبلغ سعر كيلو الطماطم نحو 20 دولاراً، وحتى إذا كان لديك المال، فلن تجد ما تشتريه. لقد أصبح الجميع جائعين مرة أخرى”، هذا ما
وفرضت دولة الاحتلال حصاراً شاملاً على غزة في الأسابيع الأولى من حرب الإبادة واستخدمت على مدار أشهر التجويع كسلاح ضد المدنيين.
وتحت الضغط الدولي روجت سلطات الاحتلال أنها خففت تدريجيا قيودها على الإمدادات الإنسانية.
وبلغت عمليات تسليم المساعدات ذروتها في مايو/أيار، عندما دخلت 117 ألف طن من الأغذية إلى غزة على متن أكثر من ستة آلاف شاحنة. كما وصلت الخيام والأدوية وغيرها من الإمدادات الحيوية إلى القطاع.
وتظهر الإحصائيات الصادرة عن مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي السلطة العسكرية الإسرائيلية المكلفة بتنسيق المساعدات الإنسانية إلى غزة، أن 25,155 طناً فقط من المساعدات الغذائية دخلت غزة في أكتوبر/تشرين الأول، وهو أقل من أي شهر كامل منذ ديسمبر/كانون الأول 2023.
في أكتوبر/تشرين الأول، سُمح لـ 57 شاحنة يوميًا بالعبور إلى غزة في المتوسط - وهو أقل بكثير من 350 شاحنة يوميًا التي طالبت بها الولايات المتحدة و600 شاحنة يوميًا تقول وكالات الإغاثة إنها ضرورية لتلبية الاحتياجات الأساسية.
وحتى الآن، دخلت 624 شاحنة فقط إلى القطاع في نوفمبر/تشرين الثاني، وفقًا لإحصائيات مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق.
ويقول خبراء الأمم المتحدة في مجال الخدمات اللوجستية في غزة إن العمليات العسكرية الإسرائيلية وتعمد تقويض القانون بشكل عام غالباً ما يمنعانهم من جمع الإمدادات، الأمر الذي يترك مئات الشاحنات عالقة على الحدود.
وتعاني الوكالات الإنسانية أيضاً من نقص في السائقين ومعدات الاتصالات ومعدات الحماية وغير ذلك الكثير.
قيود إسرائيلية مستمرة
منذ مايو/أيار، لم تتم الموافقة إلا على عُشر ما يزيد على 300 طلب قدمتها الأمم المتحدة إلى مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق لإصدار تصاريح للسائقين الأفراد، حسبما قال مسؤولون في الأمم المتحدة.
كما أن التنسيق مع السلطات العسكرية الإسرائيلية شاق ويستغرق وقتاً طويلاً، ويتم رفض العديد من طلبات القوافل. وفي أكتوبر/تشرين الأول، رفضت السلطات الإسرائيلية بشكل مباشر أو أعاقت 58% من تحركات المساعدات، وفقاً لوكالات الإغاثة.
وقال مسؤولون من الأمم المتحدة إن انعدام القانون أدى إلى نهب ممنهج لنحو ثلث المساعدات التي تصل إلى غزة بحماية من جيش الاحتلال.
وكانت الولايات المتحدة قد طالبت “إسرائيل” في السابق بالسماح بدخول المزيد من المساعدات، ولكنها لم تفعل الكثير لتنفيذ طلباتها، بل إنها تجاهلت وكالاتها بعد أن خلصت إلى أن سلطات الاحتلال تعمدت منع تسليم الغذاء والدواء إلى غزة.
وينص القانون الأميركي على قطع شحنات الأسلحة عن الدول التي تمنع تسليم المساعدات التي تدعمها الولايات المتحدة.
المجاعة في شمال غزة
تشهد محافظة شمال غزة أزمة حادة، حيث خضعت بلدات جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا لحصار دام شهراً كاملاً.
وحاصرت القوات الإسرائيلية المنطقة بنقاط تفتيش، وأمرت السكان بمغادرتها. ويخشى العديد من الفلسطينيين أن تكون “إسرائيل” تهدف إلى إخلاء شمال القطاع من السكان في الأمد البعيد.
وقال أحد مسؤولي الأمم المتحدة في غزة: “لا يحصل سكان شمال غزة على أي شيء. ففي كل يوم من الثالث من أكتوبر/تشرين الأول وحتى نهاية الشهر، كانت الأمم المتحدة تطلب نقل المواد إلى جباليا، لكن طلبها قوبل بالرفض”.
وفي الأسبوع الماضي، حذرت لجنة من خبراء الأمن الغذائي العالمي والمعروفة باسم IPC من ” احتمال قوي بأن المجاعة وشيكة في مناطق ” شمال غزة.