منذ السابع من أكتوبر 2023، باتت الضفة الغربية في مواجهة مباشرة مع مشروع الاحتلال الاستيطاني، الذي خرج عن نطاق الخطط الصامتة ليصبح أكثر وضوحًا وعلانية.
هذا المشروع، الذي يُمعن في تقطيع أوصال الأرض الفلسطينية، يهدف إلى إعادة تشكيل الجغرافيا بما يخدم الاحتلال، بينما يُلقي بظلاله الثقيلة على الحياة اليومية للفلسطينيين الذين يواجهون التضييق الاقتصادي والاجتماعي بفعل هذا التوسع.
رفض شعبي
وقال الكاتب ثائر أبو عياش، أن التلال الفلسطينية تتحول يومًا بعد يوم إلى قواعد استيطانية تهدد مستقبل الأرض والهوية الفلسطينية.
وتابع أبو عياش، مع تصاعد هذا التوسع، يبرز المشهد الميداني كلوحة نضال مستمرة، حيث يُعبّر الفلسطينيون عن رفضهم عبر احتجاجات شعبية، مواجهات يومية، وعمليات فردية.
وأضاف هذه التحركات، على الرغم من محدودية الإمكانات، تضع الاحتلال في مواجهة مستمرة مع إرادة شعب لا يزال يؤمن بحقه في الصمود والحرية.
الإرادة والمقاومة
وأوضح أن الضفة الغربية تكتسب قوتها من عدة عوامل. أولها، الإرادة الشعبية التي تمثل جذور الصمود الفلسطيني، حيث يحمل هذا الشعب في وعيه الجماعي تاريخًا طويلًا من المقاومة، مما يمنحه القدرة على تحويل التحديات إلى فرص للنضال.
ثانيًا، يظهر الدعم الشعبي العالمي كرافعة مهمة، حيث تتصاعد حملات المقاطعة المناهضة للاحتلال وتزداد المظاهرات المؤيدة للحق الفلسطيني، مما يعكس تضامنًا دوليًا يدعم الصمود الفلسطيني.
وأشار إلى أن الوحدة الميدانية تتجلى كعامل ثالث، إذ يظهر ذلك في تشكيلات المقاومة في نابلس وجنين وطولكرم، التي استطاعت أن تضع العمل المقاوم في صدارة الأحداث، رغم محاولات الاحتلال للقضاء على هذه الجبهات.
المستوطنات
وأفاد بأن رغم الدعم الإسرائيلي الرسمي، تعاني المستوطنات من تحديات متعددة، أبرزها أنها أصبحت أهدافًا مباشرة للعمليات الفلسطينية، مما جعلها أماكن غير مستقرة.
إضافة إلى ذلك، الخلافات السياسية داخل الكيان بشأن التوسع الاستيطاني تُفاقم التوتر الداخلي، ويأتي ذلك بالتوازي مع إدانات دولية مستمرة تزيد من عزلة الاحتلال.
مواجهة المصير
ونوه إلى أن الضفة الغربية تقف على مفترق طرق مصيري. لتحويل ميزان الصراع، لا بد من استمرار التحركات الشعبية المنظمة التي تُحدث أثرًا ملموسًا على الأرض، مع تطوير الأدوات السياسية والدبلوماسية لاستثمار الضغط الشعبي في تعزيز الموقف الفلسطيني أمام العالم.
وفي الوقت ذاته، تحتاج القضية الفلسطينية إلى احتضان أوسع من التضامن العربي والدولي ليُترجم إلى دعم عملي في مواجهة المشروع الصهيوني.
وما بين كل ذلك، يبقى الاستعداد للمواجهة القادمة ضرورة لا مفر منها، فالاحتلال، الذي يسعى لتقويض المقاومة وقضم الأرض، يدرك أن الضفة الغربية هي “جدار الصد” الأخير أمام مشروعه.
ولذلك، فإن مواصلة دق جدران خزان الاستيطان، وتحويل الخوف الإسرائيلي إلى حقيقة ملموسة، هو الطريق الذي يراه الفلسطينيون نحو تحقيق العدالة واستعادة الأرض.
وتابع أن الضفة الغربية ليست مجرد جغرافيا مستهدفة؛ بل ساحة نضال مفتوحة تحمل في طياتها مفاتيح التغيير، فبين دوي الهتافات في الشوارع، وتصاعد العمليات ضد المستوطنات، والجهود الدبلوماسية، تبقى إرادة الشعب الفلسطيني هي السلاح الأقوى في مواجهة الاحتلال.