حسين الشيخ.. رجل التنسيق الأمني بين مطامح السلطة وأجندة الاحتلال

في قلب المأساة الفلسطينية الممتدة، تبرز أسماء مرتبطة بالارتهان المباشر للاحتلال الإسرائيلي، ليس من موقع الضعف فقط، بل من موقع التواطؤ الفعّال. يأتي على رأس هذه الأسماء حسين الشيخ، أحد أبرز قادة السلطة الفلسطينية الذي أصبح رمزًا لمعادلة التنسيق الأمني المشبوه.
ويجمع مراقبون على أن الدور الذي يلعبه الشيخ اليوم لا يقف عند حدود “إدارة العلاقات مع إسرائيل”، بل بات ينخرط في خطط الاحتلال لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الدماء في غزة والمستقبل في الضفة الغربية.
تواطؤ في حرب الإبادة على غزة
منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة، برز موقف قيادة السلطة الفلسطينية –وعلى رأسها حسين الشيخ– بمثابة تواطؤ صريح.
فبدلًا من رفع الصوت لمواجهة المجازر، انخرط الشيخ في خطاب سياسي يساوق السردية الإسرائيلية، يركز على “ضرورة استعادة الشرعية” و”إعادة الحكم في غزة للسلطة” على أنقاض آلاف الشهداء.
هذا الخطاب لم يكن سوى توظيف سياسي للدم الفلسطيني، حيث سعى الشيخ إلى تحويل الحرب على غزة إلى فرصة لترسيخ موقعه داخل بنية السلطة، مستغلًا المأساة لصالح طموحاته الخاصة.
الضفة الغربية تحت مخطط الضم
في الضفة الغربية، يتكشف الوجه الآخر لدور حسين الشيخ. فبينما يوسع الاحتلال المستوطنات ويفرض وقائع جديدة على الأرض، يكتفي الشيخ بتكرار خطاب “المفاوضات” و”الحلول السياسية”، في وقت يواصل فيه جهاز التنسيق الأمني –الذي يعد من أبرز مهندسيه– ملاحقة المقاومين ومنع أي فعل شعبي منظم ضد الاستيطان.
بهذا، بات الشيخ شريكًا مباشرًا في مشروع الضم الإسرائيلي البطيء، إذ يوفر غطاءً سياسيًا وأمنيًا لإسرائيل، مانعًا أي تصعيد يعرقل تمدد الاستيطان.
مطامح شخصية ونفوذ قيادي
الدافع الأكبر وراء هذا السلوك يتجاوز “الموقف الرسمي” إلى مطامح شخصية واضحة. فحسين الشيخ، الذي يقدَّم كخليفة محتمل للرئيس محمود عباس، يحرص على إثبات نفسه أمام الإسرائيليين والأمريكيين بوصفه “الرجل القادر على ضبط الشارع الفلسطيني”.
ولهذا الغرض، لم يتردد في التضحية بمصالح الشعب الفلسطيني، مفضلاً أن يظهر بمظهر “الشريك الموثوق” لإسرائيل، حتى وإن كان الثمن هو تفكيك ما تبقى من الوحدة الوطنية الفلسطينية.
التنسيق الأمني: خدمة مجانية للاحتلال
يُعتبر التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال حجر الأساس في نفوذ حسين الشيخ. فبصفته المسؤول المباشر عن هذا الملف لسنوات، لعب دورًا مركزيًا في تحويل أجهزة الأمن الفلسطينية إلى أداة مراقبة وقمع داخلي، بدلاً من أن تكون ذراعًا لحماية الشعب من الاحتلال.
تحت هذا الغطاء، جرى اعتقال مقاومين وتسليم معلومات أمنية لإسرائيل، ما يجعل من الشيخ شريكًا في الجريمة ضد من يقاومون الاحتلال في الضفة وغزة.
سقوط رهان “عرب التنسيق الأمني”
ما كشفته حرب الإبادة المستمرة في غزة والعدوان الحاصل لضم الضفة الغربية، هو أن الرهان على أمثال حسين الشيخ من “عرب التنسيق الأمني” رهان خاسر بالكامل.
فلا الشيخ ولا غيره ممن ارتبطوا بصفقات الاحتلال قادرون على رعاية مصالح الشعب الفلسطيني. على العكس، تحولوا إلى جزء من أدوات الاحتلال في إدارة الصراع.
وإن الحديث عن “اليوم التالي لغزة” أو “حل الدولتين” في ظل مجازر الإبادة الجماعية والضم الاستيطاني لم يعد سوى وهم سياسي يروجه الشيخ ومن على شاكلته لضمان بقائهم في السلطة، لا أكثر.
إذ أن حسين الشيخ اليوم ليس مجرد مسؤول فلسطيني مثير للجدل، بل هو نموذج حي لسياسة الارتهان للاحتلال: تواطؤ في حرب الإبادة على غزة، صمت أمام ضم الضفة، ومطامح شخصية في قيادة سلطة فقدت ثقة شعبها.
وإن استمراره ومن هم على شاكلته في واجهة القرار الفلسطيني يعني المزيد من التفريط، والمزيد من التغطية على مشاريع الاحتلال. وبالتالي، فإن معركة الشعب الفلسطيني لا تقتصر على مواجهة الاحتلال فقط، بل تشمل أيضًا فضح وإسقاط رموز التواطؤ الداخلي الذين جعلوا من مصالحهم الشخصية بوابة لتصفية قضيته الوطنية.