إعلام التطبيع يبادر لتبييض صورة العميل ياسر أبو شباب وعصابته بعد مقتله

أثارت التغطية الإعلامية التي قدّمتها وسائل إعلام التطبيع لا سيما قناة العربية السعودية عقب مقتل العميل ياسر أبو شباب، حالة واسعة من الغضب في الأوساط الفلسطينية، في ظل مبادرتها لتبييض صورته وعصابته.
وظهرت القناة، وفق مراقبين، وكأنها تسابق الزمن لـ إعادة تأهيل صورة ياسر أبو شباب وعصابته رغم ما هو موثّق من تورطهم في جرائم خطيرة خلال الأشهر الماضية في جنوب قطاع غزة.
وعُرف العميل أبو شباب بقيادته مجموعة مسلّحة تورطت بالعمل بشكل مباشر مع جيش الاحتلال، والمشاركة في عمليات استهداف للمقاومين والمدنيين على حد سواء فضلا عن نهب وسرقة قوابل المساعدات.
قناة العربية ويكيبيديا
في التقارير التي نشرتها القناة عقب مقتله، وصفت العربية ياسر أبو شباب بأنه “كان يقوم بأدوار حفظ الأمن الداخلي” و“تأمين قوافل المساعدات”، وأن مجموعته عملت لـ “ملء الفراغ الأمني” في المناطق الجنوبية من القطاع.
وأثارت هذه الصياغة التي ركّزت على كلمات من قبيل “الأمن” و“الاستقرار” تساؤلات حول دوافعها، إذ بدت محاولة واضحة ـ بحسب محلّلين ـ لـ منح شرعية بأثر رجعي لمجموعة متهمة محليًا بأنها ميليشيا خارجة عن القانون.
ويشير خبراء إعلام إلى أن استخدام هذه اللغة “التجميلية” يتجاهل عمدًا السياق الكامل، ويتغافل عن الاتهامات المثبتة بحق أبو شباب، الذي واجه انتقادات حادة منذ ظهوره العلني كقائد مجموعة تعمل تحت إشراف الاحتلال، وتشارك في أنشطة أمنية تستهدف البيئة الداعمة للمقاومة داخل غزة.
كيف قتل ياسر أبو شباب ؟
رغم انتشار شهادات موثوقة حول جرائم عصابة أبو شباب، فإن قناة العربية امتنعت بشكل لافت عن التطرق إلى أي من هذه الملفات.
فقد وُجهت للعصابة اتهامات بالاعتداء على المدنيين، واعتقال العشرات دون أي إطار قانوني، إلى جانب ملاحقة عناصر المقاومة وتسليم معلومات أمنية مباشرة للاحتلال.
من أبرز الجرائم التي تم تجاهلها بالكامل في تغطية العربية، حادثة اختطاف الدكتورة تسنيم الهمص، وهي طبيبة معروفة في رفح وتسليمها لجيش الاحتلال، في حادثة أثارت صدمة واسعة داخل القطاع.
ورغم تداول القصة في وسائل إعلام دولية، فإن قناة العربية لم تذكر الواقعة من قريب أو بعيد، مكتفية بتصوير العصابة باعتبارها “قوة محلية لحفظ الأمن”.
كما شهدت مناطق جنوب القطاع خلال الشهور الأخيرة عمليات ملاحقة واعتداءات طالت شبانًا وناشطين اجتماعيين، بالإضافة إلى رصد تعاون مباشر بين مجموعة أبو شباب ووحدات إسرائيلية خلال اقتحامات في رفح وخان يونس. جميع هذه الوقائع تم تغييبها كليًا في التغطية التي قدّمتها القناة السعودية.
إعلام التطبيع العربي
تشير مصادر ميدانية إلى أن عصابة ياسر أبو شباب لم تكن تنشط بمعزل عن دعم سياسي وإعلامي إقليمي، إذ استفادت من غطاء إعلامي إماراتي وسعودي عبر قنوات ومنصات حاولت تلميع الأنشطة الأمنية للمجموعة وطرحها باعتبارها “قوة محلية شرعية”.
كما تحدثت تقارير محلية عن توفير تسهيلات لوجستية وأجهزة اتصال للعصابة بهدف تعزيز قدراتها على “مواجهة المقاومة” في المرحلة اللاحقة للحرب.
ويعتقد خبراء أمنيون أن هذا الدعم جاء ضمن رؤية أوسع سعت بعض الأطراف الإقليمية إلى تعزيزها في غزة، تقوم على إيجاد قوى محلية مرتبطة بالخارج يمكن الدفع بها إلى الواجهة بعد الحرب، في محاولة لكسر نفوذ الفصائل المقاومة وإعادة هندسة الخارطة الأمنية للقطاع.
وضمن هذا السياق، تظهر تغطية قناة العربية وكأنها جزء من هذا المشروع عبر إعادة تدوير صورة العصابة وتقديمها باعتبارها قوة “حامية للسكان”، رغم سجلها المثقل بالجرائم والانتهاكات.
ويرى مراقبون أن مبادرة العربية إلى تبييض صورة أبو شباب فور مقتله محاولة لترسيخ سردية جديدة تبرر وجود مجموعات مرتبطة بالاحتلال داخل القطاع، وتقدّمها كبديل محتمل لأي ترتيب أمني مستقبلي.
ويشيرون إلى أن هذا النوع من الخطاب يندرج ضمن حرب الرواية التي تشهدها غزة والتي تسعى فيها أطراف متعددة إلى صياغة رواية مضادة تُظهر المقاومة باعتبارها “معطلة للحياة”، وتحاول في المقابل تسويق عملاء الاحتلال كـ “قوى نظامية”.
وبينما شكّل مقتل أبو شباب ضربة قوية لنفوذ عصابته على الأرض، فإن المعركة حول صورته وروايته ما زالت مشتعلة، وهو ما يظهر بوضوح في تغطية قناة العربية.





