تحليلات واراء

شادي ظاظا… تاجر المأساة الذي يبيع غزة مرتين

في غزة، حيث تحوّلت الحياة إلى حصار وجوع وقصف، يظهر بين الحين والآخر أشخاص يرفعون لافتة “العمل الإنساني”، بينما يمارسون أسوأ أشكال الاستغلال والابتزاز.

من هؤلاء يبرز اسم شادي ظاظا، رئيس مؤسسة “رحمة حول العالم”، الذي بات يرمز اليوم إلى الوجه القبيح للعمل الخيري حين يتحوّل إلى أداة لإحكام الحصار وتجويع الفلسطينيين، بل وابتزازهم في لقمة عيشهم، في تساوق كامل مع خطط الاحتلال الإسرائيلي.

قناع العمل الإنساني… وأفعال الابتزاز

لا خلاف على أن غزة اليوم أحوج ما تكون إلى أي دعم إنساني. لكن تحت شعار “الإغاثة”، يجلس شادي ظاظا على رأس مؤسسة تحوّلت من جهة إغاثية إلى سمسار حصار وتجويع.

إذ كشفت تقارير وتحقيقات صحفية عديدة أن مؤسسة رحمة حول العالم أصبحت واحدة من أخطر الأدوات التي تستغل احتياجات الناس للبقاء، فتفرض عليهم شروطًا قاسية، وترفع أسعار إدخال المساعدات، وتختطف جزءًا من حمولة الشاحنات القادمة إلى القطاع المنكوب.

لقد حوّل شادي ظاظا مؤسسة رحمة إلى ماكينة جني أرباح على حساب دموع الأطفال الجوعى، عبر فرض رسوم تصل إلى 6000 دولار على كل شاحنة مساعدات تدخل غزة، إضافة إلى اقتطاع نسب قد تتراوح بين 10% إلى 30% من محتوى الشاحنات، سواء كانت أغذية أو أدوية أو مواد إنسانية عاجلة.

شريك للاحتلال في حصار غزة

إن أخطر ما يفعله ظاظا لا يقتصر على النهب المادي فحسب، بل يمتد إلى كونه شريكًا فعليًا في إدارة الحصار. فمن خلال تنسيقه المباشر أو غير المباشر مع جهات إسرائيلية مسؤولة عن مرور المساعدات إلى غزة، يتحوّل العمل الإنساني إلى أداة للابتزاز السياسي والأمني.

لقد برهنت الوقائع أن شادي ظاظا لا يعمل بمعزل عن خطط الاحتلال الإسرائيلي، بل يسير في تساوق كامل معها. فالاحتلال لطالما سعى إلى استخدام المساعدات كأداة ضغط، لإخضاع الفلسطينيين وكسر إرادتهم، وخلق حالة من الاعتماد الدائم على “المنح المشروطة” التي يتحكم فيها الاحتلال ووكلاؤه.

في هذا السياق، يصبح ظاظا جزءًا من آلة الحصار. إذ بينما تصر دولة الاحتلال على خنق القطاع عسكريًا، يساهم ظاظا في خنقه إنسانيًا عبر المتاجرة بالمساعدات. إنه يضع غزة بين سندان الاحتلال ومطرقة الجوع، لتظل رهينة تحتاج إلى المساعدات كل يوم، دون أفق للخلاص.

فضائح وفساد

ليس سرًا أن مؤسسة رحمة حول العالم باتت محاطة بشبهات الفساد والنهب. فقد كشفت مصادر رسمية وتقارير موثوقة أن المؤسسة جمعت ملايين الدولارات من الرسوم التي فرضتها على إدخال المساعدات، بينما بقيت غزة غارقة في الجوع والحاجة.

وفي واحدة من أكبر الفضائح، أُجبرت المؤسسة على مغادرة مصر ومنعت من العمل هناك، بعدما كشفت الجهات المصرية عن ارتباطاتها المشبوهة وشبهات التنسيق الأمني بينها وبين إسرائيل، إلى جانب تورطها في اختطاف جزء من المساعدات لحسابها الخاص. ومثل هذه المواقف تكشف مدى العار الأخلاقي والسياسي الذي يمثله ظاظا ومؤسسته.

التجارة بالموت والجوع

أشد ما يثير الغضب في أفعال شادي ظاظا، أنه يتاجر بمشاهد الجوع والألم. فهو لا يكتفي بتحويل المساعدات إلى تجارة مربحة، بل يستخدمها كسلاح ابتزاز، ليحصل على أموال طائلة من الجهات المانحة، بينما يبقى سكان غزة ينتظرون الفتات.

لقد تحوّل ظاظا إلى نموذج للوجوه التي تتكسّر عندها القيم الإنسانية. فلا يختلف في خطورته عن القنابل الإسرائيلية التي تهدم البيوت. فكلاهما يقتل الفلسطينيين، لكن أحدهما يفعلها بالحديد والنار، والآخر يفعلها بتجويعهم وابتزازهم في لقمة عيشهم.

وخطورة ظاظا ليست في شخصه فقط، بل في المنظومة التي يمثلها. فهو أداة ضمن استراتيجية الاحتلال الذي يحاول إظهار نفسه أمام العالم كأنه يسمح بدخول المساعدات لغزة، بينما يجري في الحقيقة التحكم في دخولها عبر شبكات مرتبطة به، مثل “رحمة حول العالم”.

إن ظاظا يؤدي دورًا مثاليًا للاحتلال: يقدّم صورة “الإنساني” الذي يسهل دخول المساعدات، بينما هو في الواقع يحجبها ويبتز سكان غزة. إنه الوجه الناعم للحصار، الذي يجعل الاحتلال يبدو أقل توحشًا أمام المجتمع الدولي، بينما تُرتكب الجريمة على الأرض بلا توقف.

ويؤكد مراقبون أنه آن الأوان أن يخضع شادي ظاظا لمساءلة حقيقية، ليس فقط أخلاقيًا بل أيضًا قانونيًا. فالجرائم التي يرتكبها، بدءًا من الاستغلال الاقتصادي وصولًا إلى المساهمة في خنق غزة، تندرج ضمن جرائم الحرب، وفق القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف التي تُحرّم استخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى