معالجات اخبارية
أخر الأخبار

هل كانت خطوة عباس في إعادة المفصولين استجابة للضغوط العربية؟

تواصل حركة فتح والسلطة الفلسطينية استخدام أسلوب الإسقاط النفسي ضد خصومها السياسيين، متهمة الفصائل المقاومة بالارتهان لمحاور إقليمية، بينما تمارس بنفسها الارتهان العلني لمحور التطبيع العربي وتنفذ توجيهاته دون تردد.

ورغم مرور أكثر من 30 عامًا على فشلها السياسي، لا تزال السلطة تعيش في وهم قيادة الفلسطينيين، متجاهلة حقيقة تراجع شعبيتها في الشارع الفلسطيني.

 اتهام المقاومة والخضوع للتطبيع

لطالما اتهمت السلطة الفصائل المقاومة بالارتباط بالمحور الإيراني، متناسية أنها تدور بشكل كامل في فلك محور التطبيع العربي.

وتبرر السلطة علاقتها بهذه الأنظمة، مطالبة الفلسطينيين بالقبول بها، في حين تدين أي علاقات للمقاومة مع أي أطراف داعمة للقضية الفلسطينية.

وفي المقابل، لم يكن هناك أي إملاءات على فصائل المقاومة في معركة طوفان الأقصى، بينما كانت السلطة تتلقى أوامر علنية من أنظمة التطبيع، وتسارع إلى تنفيذها دون تردد.

إعادة المفصولين والضغوط العربية

وأقدم رئيس السلطة محمود عباس على خطوة العفو عن المفصولين من فتح، في استجابة مباشرة لضغوط إماراتية، حيث تسعى أبو ظبي إلى توحيد صفوف الحركة تمهيدًا لمرحلة ما بعد عباس.

الإمارات، التي أوقفت دعمها المالي والسياسي للسلطة خلال السنوات الماضية، مارست ضغوطًا متزايدة على عباس لإجباره على القبول بعودة محمد دحلان ورموز تياره، وذلك لضمان ولاء قيادة السلطة لمحور التطبيع في أي ترتيبات مستقبلية.

وكانت قمة الرياض الأخيرة في فبراير بمثابة إنذار نهائي لعباس، حيث تم الضغط عليه لإعادة المفصولين، واستحداث منصب نائب الرئيس، وإجراء تغييرات على هيكل السلطة، في ظل ترتيبات تجري لما يسمى “اليوم التالي للحرب” في غزة والضفة.

وأمام هذه الضغوط، لم يكن لعباس خيار سوى الامتثال، في محاولة للحفاظ على موقعه السياسي وامتصاص الغضب العربي، خاصة الإماراتي.

توحيد فتح لخدمة مخططات تصفية المقاومة

وتسعى الإمارات ودول التطبيع إلى توحيد صفوف فتح ليس لأجل الوحدة الوطنية، بل بهدف مواجهة حركة حماس وإضعافها عبر أدوات سياسية وعسكرية.

ويتم الترويج لهذه الخطوة كجزء من ترتيبات ما بعد الحرب، حيث يراهن محور التطبيع على الحصار الخانق وورقة إعادة الإعمار لإضعاف المقاومة، ومن ثم تمكين فتح من السيطرة على غزة.

وهذه المخططات لا تخدم القضية الفلسطينية، بل تسعى إلى تصفية المشروع المقاوم مقابل فرض سلطة تابعة لمحور التطبيع.

عباس وخيارات البقاء على حساب القضية

والعفو الذي أعلنه عباس خلال القمة العربية في القاهرة، لم يكن بادرة مصالحة داخلية، بل خطوة اضطرارية لضمان استقرار قيادة السلطة مع تقدم عمره وتراجع حالته الصحية.

وفي الوقت ذاته خطوة ناقصة، لأنها لم تأتِ ضمن رؤية سياسية وطنية جامعة، بل في سياق الانصياع لتوجيهات عربية ودولية تسعى لإعادة ترتيب المشهد الفلسطيني بما يخدم أجنداتها.

وأكد القيادي السابق في فتح معين الطاهر أن هذه الخطوة لن تحقق وحدة الحركة، لأن أي وحدة سياسية حقيقية تتطلب برنامجًا وطنيًا شاملاً، لا مجرد إجراءات شكلية.

وأوضح أن المصالحة الحقيقية لا تقتصر على فتح، بل يجب أن تشمل جميع الفصائل في إطار حكومة وفاق وطني وقيادة موحدة لمواجهة التحديات المفروضة على الشعب الفلسطيني.

انتقد الطاهر أيضًا الطريقة التي أعلن بها عباس قراره، معتبرًا أن العفو يُمنح عادة للمجرمين، في حين أن المفصولين من فتح أقصوا بسبب خلافات سياسية داخلية.

وهذا يعكس رؤية فتح الاستبدادية التي لا تقبل التعددية السياسية داخلها، فضلًا عن محاولاتها فرض أجنداتها على المشهد الفلسطيني بما يخدم بقاءها في السلطة، ولو على حساب القضية الوطنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى