معالجات اخبارية
أخر الأخبار

بنك فلسطين و”بال باي” يزيدان خنق غزة وسط الحصار

في خطوة أثارت موجة غضب واسعة بين سكان قطاع غزة، أعلن بنك فلسطين عن تحديث جديد لتطبيقه الإلكتروني ألغى من خلاله خاصية استخدام بصمة الإصبع لتنفيذ التحويلات المالية، واستبدلها بإرسال رمز تحقق عبر الرسائل النصية القصيرة (SMS) بحجة “تعزيز إجراءات الأمان”.

إلا أن هذا الإجراء سرعان ما تسبب في تفاقم الأزمة المالية القائمة أصلًا، في ظل ضعف شبكات الاتصال داخل القطاع، مما أدى إلى تأخير أو فشل وصول الرسائل النصية، وتعطيل الكثير من عمليات التحويل المالي التي يعتمد عليها المواطنون في حياتهم اليومية.

ردود الفعل الغاضبة لم تتأخر، إذ اتهم العديد من سكان غزة بنك فلسطين بالتواطؤ مع سياسة الاحتلال الإسرائيلي في إحكام الحصار المالي على القطاع المنكوب.

وتداول ناشطون دعوات لمقاطعة البنك وتصعيد الاحتجاجات ضده، معتبرين أن الإجراءات الجديدة تشكل خنقًا إضافيًا لحياة أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون تحت حصار خانق منذ سنوات.

بنك فلسطين وبال باي

بالتزامن مع ذلك، فرضت شركة “بال باي”، إحدى كبرى شركات المحافظ الإلكترونية في فلسطين، قيودًا إضافية على التحويلات المالية في قطاع غزة، حيث حددت سقف التحويل اليومي بمبلغ لا يتجاوز 500 شيكل، وسمحت بعملية تحويل واحدة فقط يوميًا لكل مستخدم.

وهذه الإجراءات زادت من حالة الغضب الشعبي، إذ رأى فيها المواطنون استهدافًا ممنهجًا لأبسط مقومات حياتهم اليومية، لاسيما في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعصف بالقطاع واعتماد السكان المتزايد على المحافظ الإلكترونية بعد تضرر النظام المصرفي التقليدي بفعل الحرب المستمرة.

ومع تصاعد الأزمة، طالب الغزيون إدارة بنك فلسطين وشركة “بال باي” بالتراجع الفوري عن هذه القرارات المجحفة، محذرين من أن استمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى انفجار حالة غضب شعبي واسع، خاصة وأنها تأتي وسط انهيار اقتصادي وأزمة معيشية غير مسبوقة.

السيولة في غزة وتواطؤ السلطة

في سياق متصل، تتعرض السلطة الفلسطينية لاتهامات متزايدة بالمشاركة الفعلية في الحصار المالي المفروض على غزة، في ظل ما يعتبره مراقبون تواطؤًا مع الاحتلال الإسرائيلي.

فمنذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على القطاع قبل نحو عام ونصف، امتنعت سلطة النقد الفلسطينية عن إرسال أي سيولة نقدية إلى غزة، متذرعة بانعدام البيئة الآمنة وخوفها من تعرض فروع البنوك للسرقة.

غير أن هذا المبرر يبدو متهاويًا أمام الحقائق الميدانية، إذ إن الضفة الغربية الخاضعة لسيطرة السلطة نفسها تشهد حالة من الانفلات الأمني وعمليات سطو مسلح متكررة على البنوك بمعدل شهري تقريبًا.

وخلال عام 2024 وحده، سجل أكثر من 16 حادث سطو مسلح على فروع البنوك في مدن الضفة، الأمر الذي يكشف زيف الادعاءات حول انعدام الأمن كمبرر لتعطيل الحياة المالية في غزة.

أمام هذا الواقع، يتساءل الفلسطينيون إذا كانت البنوك في الضفة تتعرض لعمليات سطو متكررة ولم تتوقف خدماتها، فلماذا تحرم غزة المحاصرة من حقوقها المالية الأساسية بحجة الأمن؟، أين هو الاستقرار الذي تتذرع به السلطة لتبرير هذا العقاب الجماعي؟.

أزمة السيولة في غزة

يعيش قطاع غزة اليوم أزمة سيولة خانقة غير مسبوقة. فقد تسببت الحرب المستمرة والتشديد الإسرائيلي في منع دخول البضائع والمساعدات والأموال، مما عمّق الأزمة الاقتصادية وضاعف من معاناة السكان.

كما أن تدمير البنية المصرفية في القطاع، بما فيها فروع البنوك وأجهزة الصراف الآلي، أدى إلى تراجع القدرة على تسيير التحويلات أو السحب النقدي بشكل طبيعي.

وبحسب تقديرات خبراء اقتصاديين، يتم تداول نحو ثلاثة مليارات دولار فقط من الأوراق النقدية داخل غزة، وهي كمية ضئيلة لا تفي باحتياجات السكان الأساسية.

وتعتمد نسبة كبيرة من سكان القطاع على المساعدات النقدية التي تقدمها منظمات الإغاثة عبر تطبيقات الدفع الإلكتروني، فضلًا عن الحوالات المالية من أقاربهم في الخارج، والتي تُحول إلى نقد مقابل دفع عمولات مرتفعة قد تصل إلى أكثر من 30%.

وبسبب النقص الحاد في الأوراق النقدية، انتشرت ظاهرة إصلاح العملات التالفة، حيث يقوم المواطنون بغسل وترقيع الأوراق النقدية باستخدام الشريط اللاصق لإعادة تداولها في الأسواق، في مشهد يعكس حجم الانهيار الاقتصادي الذي يعيشه القطاع المنكوب.

وفي ظل هذه الظروف القاسية، يستمر الاحتلال الإسرائيلي في سياسة العقاب الجماعي عبر خنق القطاع ماليًا وإنسانيًا، وسط صمت دولي مخزٍ، وتواطؤ داخلي من السلطة الفلسطينية التي كان يُفترض بها أن تكون سندًا للغزيين في محنتهم، لا شريكًا في تجويعهم وإذلالهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى