تحليلات واراء

رفض السلطة وفتح للجنة الإسناد المجتمعي: إمعان في جريمة قتل غزة

في خضم العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، تتزايد التساؤلات حول موقف السلطة الفلسطينية وحركة فتح من التطورات الأخيرة في القطاع، ولا سيما رفض تشكيل “لجنة الإسناد المجتمعي” لدعم جهود إعادة بناء القطاع، وتهيئة الظروف السياسية والإنسانية لمرحلة ما بعد الحرب.

ويؤكد مراقبون أن رفض السلطة وحركة فتح لمبادرات الوحدة الوطنية ولجنة الإسناد المجتمعي يعكس تواطؤًا غير مباشر مع الاحتلال الإسرائيلي، ويساهم في تقويض الجهود الفلسطينية الموحدة لمواجهة العدوان.

ويشير هذا الرفض إلى تواطؤ مفضوح من السلطة وحركة فتح في منع أي ترتيبات لليوم التالي بعد الحرب على غزة، مما يفتح المجال أمام الاحتلال الإسرائيلي لمواصلة جرائمه بحق الفلسطينيين.

بل ويبدو أن هذه العرقلة المستمرة للجهود الوحدوية تساهم في تعزيز الانقسام الفلسطيني، مما يضع السلطة وحركة فتح في خانة المتواطئين مع الاحتلال.

التواطؤ المفضوح: رفض كل أشكال الوحدة

في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني في غزة من أكبر كارثة إنسانية شهدتها المنطقة منذ عقود، ويُجابه العدوان الإسرائيلي بلا هوادة، تظهر السلطة وحركة فتح في مواقف مترددة وفاقدة للمسؤولية الوطنية.

واحدة من أبرز المواقف التي أثارت الجدل هي رفض السلطة وفتح العديد من المبادرات التي تهدف إلى ترتيب الوضع الفلسطيني بعد العدوان، وأبرزها رفض تشكيل “لجنة الإسناد المجتمعي” التي كان من المفترض أن تشرف على جهود الإغاثة والتنمية في غزة.

كان الهدف من اللجنة، تسهيل التنسيق بين كافة الفصائل الفلسطينية، وتعزيز الجهود لإعادة إعمار القطاع، في وقت كانت الحاجة إلى تلك المبادرة أكثر من أي وقت مضى.

ورفض السلطة وحركة فتح لهذه اللجنة يأتي في وقت حساس، حيث كانت الفصائل الفلسطينية في حاجة ماسة إلى وحدة وطنية في مواجهة العدوان الإسرائيلي، لكن بدلاً من ذلك، كانت السلطة وحركة فتح تعرقل أي محاولة لإيجاد آلية لتحقيق هذه الوحدة.

إعطاء ذريعة للاحتلال لمواصلة الجرائم

يُنظر إلى هذا الرفض كإعطاء ذريعة للاحتلال الإسرائيلي لمواصلة جرائمه ضد قطاع غزة.

إذ عندما ترفض السلطة وفتح التنسيق مع الفصائل الفلسطينية الأخرى لإيجاد حلول مشتركة بعد العدوان، فإنها تدعم بطريقة غير مباشرة استمرارية السياسة الإسرائيلية في غزة، والتي تركز على تدمير البنية التحتية للقطاع ومواصلة عملية التجويع والإبادة الجماعية بحق السكان.

هذه المواقف تصب في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي، الذي يسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال استراتيجيات عنصرية تهدف إلى تهجير الفلسطينيين وتدمير أي أمل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

الوحدة الوطنية: الخيار الحتمي

يتطلب الوضع الحالي في فلسطين قرارات وطنية تاريخية بمستوى التهديد الوجودي الذي يواجهه الشعب الفلسطيني.

يؤكد المحلل السياسي هاني المصري أن هذه لحظة مصيرية فارقة تتطلب بلورة رؤية سياسية موحدة، ورد شامل ومتكامل، يقوم على إنجاز الوحدة الوطنية أو التوافق الوطني الفعلي.

ويشدد المصري على أنه يجب أن تكون أولى خطوات هذه الوحدة هي تجاوز حالة الانقسام المستمر بين حركتي فتح وحماس، وهي حالة تضر بالشعب الفلسطيني وتضعف قدراته في مواجهة التحديات.

يشير المصري إلى أن المصلحة الوطنية العليا تتطلب شراكة حقيقية بين كافة الفصائل، ووضع برنامج نضالي مشترك يأخذ بعين الاعتبار مصالح الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.

كما يطالب المصري بإجراء انتخابات فلسطينية شاملة على كافة المستويات عندما يصبح ذلك ممكنًا، وهي خطوة أساسية لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على أسس ديمقراطية.

مخاطر التصفية الكاملة للقضية الفلسطينية

إن المخطط الإسرائيلي في غزة لا يقتصر على اجتياح القطاع واحتلاله، بل يمتد إلى تصفية القضية الفلسطينية بالكامل.

فالعدوان الإسرائيلي المستمر في غزة والضفة الغربية، لا يقتصر على تدمير البنية التحتية، بل يتجاوز ذلك إلى محو الهوية الفلسطينية، عبر سياسات تطهير عرقي وفصل عنصري، تهدف إلى القضاء على أي أمل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وإن استمرار الانقسام الداخلي في ظل الظروف الحالية يعزز من مخططات الاحتلال، ويعرض الفلسطينيين لأكبر المخاطر الوجودية التي تهدد مستقبلهم في المنطقة.

قرار تاريخي: لمواجهة التحديات الوطنية

إن اللحظة الحالية تتطلب من جميع القوى الفلسطينية، خاصة السلطة وحركة فتح، اتخاذ قرارات تاريخية بمستوى التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني.

ويجب على قيادة السلطة أن تدرك أن أي تأخير أو تقاعس في تحقيق الوحدة الوطنية سيؤدي إلى مزيد من التفكك، وبالتالي مزيد من التضحيات غير المبررة للشعب الفلسطيني.

ولا يمكن للقضية الفلسطينية أن تتقدم دون تجاوز الانقسام الذي طال أمده، ويجب أن تتوقف محاولات السيطرة على الساحة الفلسطينية لمصلحة الفصائل السياسية على حساب مصلحة الشعب الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى