لماذا تحتاج “إسرائيل” الحرب مع إيران الآن أكثر من أي وقت مضى؟

أفردت وسائل إعلام إسرائيلية مساحة واسعة للحديث عن مدى حاجة حكومة بنيامين نتنياهو للحرب على إيران الآن أكثر من أي وقت مضى لأسباب متعددة.
فقد اعتبر “بن كاسبيت” أحد أكبر المحللين الإسرائيليين لموقع صحيفة معاريف الحرب على إيران فرصة ذهبية لسلام داخلي مؤقت داخل المجتمع الإسرائيلي على اعتبار أن الملف الإيراني فوق كل خلاف.
وذكر أن الحرب على إيران ستدفع لسلام مؤقّت داخل المجتمع الإسرائيلي، مشيرا إلى أن نتنياهو يدعو إلى هدنة سياسية حتى انتخابات متَّفق عليها في 2026، ولجنة تحقيق رسمية بإخفاق 7 أكتوبر، بهدف تركيز الجهود على إنهاء حرب غزّة واستثمار الزخم ضد إيران.
وأوضح بن كسبيت أن برنامج طهران النووي تهديد وجودي، الانقسام السياسي مشروع في قضايا أخرى، لكن هنا لا رفاهية للانشطار الحزبي.
وبين أن إثبات الوحدة بالفعل لا بالقول والمتظاهرون الليبراليون أنفسهم يقاتلون اليوم في الجوّ والبحر والبرّ، وعلى الحكومة ردّ التحية وتجميد التشريعات المُستفزّة، فتبرهن عملياً أنّ “كلنا شعب واحد”.
ودعا لوقف حملات التخوين والتحريض على القضاة والضباط وموظّفي الكيان، وحماية مؤسّسات الحكم وثقة الجمهور بها لأن لا بديل عنها.
وأشار إلى أن الضربة الإسرائيلية لإيران جاءت بلحظة ضعف نادرة لدى طهران: دفاعها الجوي مُنهك، وحلفائها حماس وحزب الله مُحاصَرون، ما يخلق فرصة ذهبية” لا تحتمل التأجيل.
ونبه بن كسبيت إلى أن تدمير منشأة نتنز إنجاز كبير، لكن وقف المشروع النووي يتطلّب قصفا أميركيل لمحطة فوردو ثم فرض قيود دولية تُعجز إيران عن إعادة البناء.
ونبه إلى أن طهران تتعرّض لخسائر مذلّة وصواريخها الباليستية تقلّصت، إلا أنّ بعض الصواريخ ما زال يخترق وتبقى قدرتها على التعافي قائمة.
وأكد أن الحسم يستدعي تلاحماً إسرائيلياً كاملاً ودعماً أميركياً نشطا وهذه حرب يجب ربحها معاً، وبعدها يمكن استئناف الخلافات الداخلية من حيث توقفت.
ورغم إرهاق الجمهور الإسرائيلي جراء حرب غزة والانقسام السياسي الداخلي، قال محلل الشؤون الاستخباراتية بصحيفة “هآرتس” يوسي ميلمان إن “إسرائيل” دخلت في مواجهة مباشرة مع إيران، في عملية عسكرية اعتبرت “ناجحة تكتيكيا بمرحلتها الأولى، لكنها فتحت أبواب المجهول.
وأوضح أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تأمل بصراع قصير ومحدود، لكن القرار النهائي ليس بيد إسرائيل وحدها، بل في طهران.
ووفق ميلمان، فإن نتنياهو يبدو مصمما على مواصلة الحرب، مدفوعا بدوافع شخصية وسياسية، بعكس رغبة الجيش والموساد بإنهاء الحدث سريعا. فإيران المعروفة بعنادها واستعدادها لصراعات طويلة قد تختار مسار الاستنزاف بدلا من رد محدود، كما فعلت بحربها مع العراق.
ويرى أن “إسرائيل” التي تجمع بهذه المرحلة على ضرب إيران تبقى أمام معادلة معقدة، من ناحية إنجاز عسكري ميداني لا يضمن تحقيق مكاسب إستراتيجية طويلة الأمد، ومواجهة داخلية متوترة قد تتفاقم مع اتساع رقعة المواجهة وتكبد الجبهة الداخلية الإسرائيلية خسائر غير مسبوقة.
وتحت عنوان” على إسرائيل أن تثبت سبب مهاجمتها إيران الآن”، كتب المحلل السياسي في موقع “والا” الإلكتروني أمير أورن مقالا استعرض من خلاله الضربة الإسرائيلية على إيران التي تطرح تساؤلا محوريا: “لماذا الآن؟”.
يعتقد أورن أن الهجوم الإسرائيلي على إيران، رغم ضخامته، لم يكن ضرورة أمنية عاجلة، بل يبدو كأنه مدفوع بأجندة سياسية داخلية، لا بتهديد إستراتيجي وشيك.
وأوضح أنه منذ سنوات، كان الهجوم على إيران حلما يراود نتنياهو، لكنه ظل مؤجلا بلا موعد. وبعد “هجوم 7 أكتوبر”، تغيّر كل شيء، فقد بات الهجوم على إيران طوق نجاة سياسيا له، وفرصة للهروب من مساءلة الفشل الأمني في غزة، ولإعادة رسم صورته كرجل أمن لا يتردد في اتخاذ قرارات مصيرية.
لكن هذه المغامرة العسكرية، كما يقول المحلل، “لم تكن لتتم لولا استمرار الحرب في غزة التي رفض نتنياهو إنهاءها، حتى في ظل عروض تشمل إعادة جميع الأسرى. والسبب هو وقف الحرب الذي يعني انهيار الائتلاف”. ومن ثم، فإن الحفاظ على الحرب كان السبيل الوحيد لبقاء الحكومة، ومن خلالها تنفيذ الهجوم على إيران.
ولم يكن الهجوم كالهجمات الإسرائيلية السابقة على مفاعل العراق أو سوريا، التي نُفذت بصمت دون تبنٍّ رسمي. وهذه المرة كان الهدف استعراض القوة، وفرض رد علني من طهران، وتقديم نتنياهو كبطل قومي في مواجهة “الخطر الإيراني”. ذلك كله رغم أن الموساد أثبت مرارا أن العمليات الدقيقة ممكنة دون اللجوء إلى حرب شاملة، برأي المحلل.