
وسط استمرار الهجوم الإسرائيلي على غزة والضفة، تتكشف جبهة جديدة وخطيرة من المعركة وهي التحريض الرقمي الممنهج.
وفي تقرير جديد لمركز “صدى سوشال”، جرى رصد 78 رمزًا تعبيريًا أو عبارة مشفّرة يتم تداولها عبر المنصات العبرية، خلال الفترة ما بين 23 مارس و21 يونيو 2025.
وهذه الرموز ليست مجرد تعبيرات عشوائية، بل أدوات دعاية رقمية متعمدة، تُستخدم لصناعة خطاب يُشرعن العدوان، ويُجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم، ويبرر التهجير والإبادة باسم الأمن أو “النصر”.
خطاب الكراهية يتصاعد
وأكد التقرير أن هذه الأكواد ليست طارئة، بل تأتي ضمن مسار تصاعدي بدأ منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023.
حيث بلغ مجموع ما تم توثيقه من رموز تحريضية 148 كودًا مختلفًا حتى لحظة نشر التقرير. وهذه العبارات تتنوع من حيث المضمون، لكنها تلتقي في التحريض المباشر على الفلسطينيين، وتجريم مقاومتهم، وتجريدهم من أبسط حقوقهم.
مصادر التحريض الرقمية بالأرقام
التحليل النوعي كشف الجهات التي تقف خلف هذا الخطاب التحريضي، والتي توزعت كالآتي:
مسؤولون رسميون إسرائيليون: أكثر من ثلث الخطاب (37%)
ناشطون رقميون ومؤثرون: قرابة 30%
جهات عسكرية ومنظمات استيطانية: نحو 18%
إعلاميون، مراكز أبحاث، داعمون أجانب، وسياسيون أمريكيون: النسبة المتبقية
أنماط التحريض
وقام التقرير بتصنيف الأكواد الرقمية إلى سبع مجموعات تعكس الخطاب العنصري والمعادي للفلسطينيين، ومنها:
1. دعوات صريحة للعنف والإبادة
تشمل عبارات تدعو لتوسيع الهجمات وإبادة السكان أو تهجيرهم، مثل “لا نصر دون احتلال غزة بالكامل”.
2. خطاب نزع الإنسانية
تصوير الفلسطينيين على أنهم “أعداء بالفطرة”، أو التشكيك في معاناتهم الإنسانية.
3. تمجيد الاستيطان والضم
الاستيطان يُصور كأداة خلاص، بل ويُقدّم على أنه الحل النهائي لإحلال الأمن.
4. تحريض على الصحفيين والإعلام
إطلاق أوصاف “إرهابيين مقنّعين” على الصحفيين، والدعوة لقتلهم.
5. مهاجمة المؤسسات الدولية
تجريم دور الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية، ووصفها بأنها “شريكة للإرهاب”.
6. ترويج للهجرة القسرية
التسويق لفكرة تهجير سكان غزة كخيار “إنساني” لإنهاء الحرب.
7. تحريض ديني عنصري
ربط الإسلام بالإرهاب، ووصف المسلمين بأنهم “نازيون جدد”.
المواجهة الرقمية ضد التحريض
وما يرسمه هذا التقرير هو مشهد مقلق، حيث تتواطأ المنصات الرقمية الإسرائيلية في إنتاج وترويج خطاب يُعادي شعبًا بأكمله.
وهذه الأكواد، سواء جاءت من وزراء أو صحفيين أو جنود، تصنع رأيًا عامًا متطرفًا يبرر الحرب ويمهد لمزيد من القتل والعنف.
وبينما تخضع المنشورات الفلسطينية للرقابة والحظر، يُسمح لخطاب الكراهية الإسرائيلي بالانتشار دون حسيب أو رقيب.
وتقرير “صدى سوشال” لا يكشف فقط محتوى خطير، بل يُنبه إلى الحرب النفسية والإعلامية التي تُشن ضد الفلسطينيين على الإنترنت، حرب تسعى لتطبيع القتل، وتزييف الواقع، وشيطنة الضحية.